اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَرِيبٗاۖ ذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (15)

قوله تعالى : { كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ } .

خبر مبتدأ مضمر ، أي : مثلهم مثل هؤلاء .

و«قريباً » فيه وجهان{[56039]} :

أحدهما : أنه منصوب بالتشبيه المتقدم ، أي : يشبهونهم في زمن قريب سيقع لا يتأخر ، ثم بين ذلك بقوله : { ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ } .

والثاني : أنه منصوب ب «ذاقوا » أي : ذاقوا في زمن قريب .

أي : ذاقوه في زمن قريب سيقع ولم يتأخّر .

وانتصابه في وجهيه على ظرف الزَّمان .

فصل في معنى الآية :

يعني مثل هؤلاء اليهود كمثل الذين من قبلهم .

قال ابن عباس : يعني به بني قينقاع أمكن الله منهم قبل بني النضير{[56040]} .

وقال قتادة : يعني بني النضير أمكن الله منهم قبل قريظة ، وكان بينهما سنتان{[56041]} .

وقال مجاهد رضي الله عنه : يعني كفَّار قريش يوم بدر ، وكان ذلك قبل غزوة بني النضير قاله مجاهد{[56042]} .

وكانت غزوة بدر قبل غزوة بني النضير بستة أشهر ، فلذلك قال : «قَرِيباً »{[56043]} .

وقيل : هو عامٌّ في كل من انتقم منه على كفره قبل بني النضير من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم .

«وَبَالَ أمرهم » أي : جزاء كفرهم . ومن قال : هم بنو قريظة جعل «وبَالَ أمْرِهِمْ » نزولهم على حكم سعد بن معاذ ، فحكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي [ الذرية ]{[56044]} . وهو قول الضحاك . ومن قال : المراد بنو النضير ، قال : «وبَالَ أمْرِهِمْ » الجلاء والنفي ، { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة .


[56039]:ينظر: الدر المصون 6/298.
[56040]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/46)، من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
[56041]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/322).
[56042]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/46)، عن مجاهد.
[56043]:ينظر: القرطبي 18/25.
[56044]:في أ: الذراري.