السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَرِيبٗاۖ ذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (15)

{ كمثل الذين من قبلهم قريباً } أي : بزمن قريب ، وهم كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : بنو قينقاع من أهل دينهم اليهود أظهروا بأساً شديداً عندما قصدهم النبيّ صلى الله عليه وسلم في أثر غزوة بدر ، فوعظهم وحذرهم بأس الله تعالى فقالوا : لا يغرنك يا محمد أنك لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب ، فأصبت منهم أما والله لو قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس ، ثم مكروا بامرأة من المسلمين فراودوها عن كشف وجهها فأبت ، فعقدوا طرف ثوبها من تحت خمارها فلما قامت انكشف سوقها فصاحت ، فغار لها شخص من الصحابة فقتل اليهودي الذي عقد ثوبها ، فقتلوه فانتقض عهدهم فأنزل الله النبيّ صلى الله عليه وسلم بساحتهم فأذلهم الله تعالى ، ونزلوا من حصنهم على حكمه صلى الله عليه وسلم وقد كانوا حلفاء ابن أبي ، ولم يغن عنهم شيئاً غير أنه سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم في أن لا يقتلهم وألح عليه حتى كف عن قتلهم ، فذهبوا عن المدينة الشريفة بأنفسهم من غير حشر لهم بالإلزام بالجلاء . { ذاقوا وبال أمرهم } أي : عقوبته في الدنيا من القتل وغيره { ولهم عذاب أليم } أي : مؤلم في الآخرة .