تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَئِنۡ أُخۡرِجُواْ لَا يَخۡرُجُونَ مَعَهُمۡ وَلَئِن قُوتِلُواْ لَا يَنصُرُونَهُمۡ وَلَئِن نَّصَرُوهُمۡ لَيُوَلُّنَّ ٱلۡأَدۡبَٰرَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (12)

الآية 12 وقوله تعالى : { لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون } في هذه الآية حجة رسالته على الفريقين جميعا ؛ وذلك أن هذا خبر عن الغائب ؛ وذلك لا يوصل إلى علمه إلا بالتعليم ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف إلى أحد يخبره ، ولم{[20941]} يلتمس شيئا من أحد من البشر . فإذا أخبر عما يحدث وعما هو غائب ثبت أنه ما قال إلا عن الرسالة والوحي ، والله أعلم .

قال : ويجوز أن يكون الله تعاى ذكر المؤمنين بهذه الآيات على ما لقي الرسول عليه السلام ممن كان الواجب على ما عليه كانت عادتهم الإحسان إليه ؛ وذلك أنه كان من عادة العرب المعونة والنصرة لمن قاربهم في النسب والقبيلة ، وإن كان ظالما .

ثم إن الله سبحانه وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم من قريش ، فأظهروا له من العداوة ما أظهروا حتى هموا بقتله ، وجعل محمدا صلى الله عليه وسلم حين أرسله حجة يظهر لليهود والنصارى وجميع أهل ما ذكر في كتابهم من بعثه وصفته ، فقابلوه بذلك ما قابلوا من سوء الصنيع وإظهار العداوة . وكان هذا كله ، والله أعلم ، حجة وعلامة يعلم بها أن رسالته عليه السلام [ لم ]{[20942]} تظهر بمعاونة أحد بل بنصر الله وفضله وتأييده ، والله المستعان .


[20941]:في الأصل و م: ولا.
[20942]:من م، ساقطة من الأصل.