الآية 158 وقوله تعالى : { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } فيه دلالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان مبعوثا إلى الناس كافة ، وكذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم ، قال : ( بعثت إلى الأحمر والأسود وسائر الأنبياء بعثوا إلى أقوام خاصة وإلى البلدان والقرى المعروفة المحدودة ) [ أحمد1/250 ] .
وفيه أنه لما خاطبه [ أمره ]{[9024]} أن يقول للناس ، { إني رسول الله إليكم } أنه لا سبيل له إلا{[9025]} أن يخاطب الناس والخلق جميعا ، فيقول : { إني رسول الله إليكم جميعا } ولكن إنما يكون ببعث الرسل إليهم ، فينزل قول الرسول : { إني رسول الله إليكم جميعا } منزلة قوله{[9026]} نفسه : { إني رسول الله إليكم جميعا } فانتشر{[9027]} ذكره بتبليغ الرسل إليهم ؛ كأنه هو بلّغ ذلك ، وقال لهم : { إني رسول الله إليكم جميعا } أو أن الله عز وجل ، سخّر الخلق حتى بلّغ بعضهم بعضا رسالته ، وحتى فشا خبره ، وانتشر ذكره في جميع آفاق الأرض شرقا وغربا . وذلك من عظيم آيات نبوّته ورسالته .
ثم بيّن أنه رسول من الله ، فقال : { الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت } .
وذكر تخصيص السماوات والأرض ، وإن كان له ملك الكل ، لما هما النهاية في ملك البشر ، أو ذكر هذا ليعلموا أن [ من ]{[9028]} في السماوات والأرض له عبيده وإماؤه ، أو ذكر هذا ليعلموا /188-أ/ أن التدبير فيهما جميعا لواحد حيث اتصل منافع السماء بمنافع الأرض على بعد ما بينهما .
وقوله تعالى : { لا إله إلا هو } ذكر هذا لأن العرب سمّت كل معبود إلها ، وهم كانوا يعبدون الأصنام ويسمّونها آلهة ، فنفى الألوهية عمّن يعبدونهم دونه ، وأثبتها له .
وأخبر أنه هو المستحق لاسم الألوهية والعبادة ، لا غير ؛ لأنه يحيي ، ويميت ، ومن يعبدون دونه لا يملك الإحياء ولا الإماتة . وذكر هذا ، والله أعلم ، الحياة والموت ؛ لأنه ليس شيء ألذ وأشهى في الشاهد من الحياة ، ولا أمرّ ولا أشد من الموت ، ليرغبوا في ألذّ ما غاب عنهم ، وينفروا عن الأمر والأكره مما غاب عنهم ، والله اعلم ، أو ذكر أنه يحيي ويميت ليدل أنه فعل واحد لا عدد .
وقوله تعالى : { فآمنوا بالله ورسوله النبيّ الأمّيّ الذي يؤمن بالله } كان صلى الله عليه وسلم ، هو السابق إلى كل خير . فعلى ذلك دعا الخلق كقوله { وأنا أول المؤمنين } [ الأعراف : 143 ] [ وقوله ]{[9029]} : { وأنا أوّل المسلمين } [ الأنعام : 163 ] فعلى ذلك إنما أمر بالإيمان بعد ما آمن هو .
وجائز أن يكون قوله تعالى : { يؤمن بالله وكلماته } أي آمن رسول الله بالله وكلماته التي كانت في الكتب الماضية فأخبر بها في ما كتبهم ليعرفوا أنه إنما عرفها بالله تعالى .
وقوله تعالى : { وكلماته } اختلف فيه : قال عامة أهل التأويل { وكلماته } القرآن ، وذكر في بعض القراءات وكلمته بلا ألف{[9030]} ، فصرف التأويل إلى عيسى ؛ كأنه قال : آمنوا بالله وبمحمد وبعيسى . ويحتمل أن يكون قوله تعالى : { وكلماته } ما أعطاه من الحلال والحرام والأمر والنهي والحكمة والأحكام التي أمر بها ، وشرّعها لنا ، على ما ذكر في إبراهيم أنه ابتلاه { بكلمات فأتمّهن } [ البقرة : 164 ] والله أعلم .
وقوله تعالى : { واتبعوه لعلكم تهتدون } قد ذكرنا الاتباع ، فإذا اتبعوه اهتدوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.