تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (182)

الآية 182 وقوله تعالى : { والذين كذّبوا بآياتنا } قد ذكرنا هذا في غير موضع . وقوله تعالى { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } قال قائلون : هذا صلة قوله تعالى : { ساء مثلا القوم الذين كذّبوا بآياتنا } [ الأعراف : 177 ] الآية . وقال بعضهم : فيه الوعد لرسول الله بالنصر والظفر على أعدائه . والاستدراج هو الأخذ في حال الغفلة{[9173]} من حيث أمن بغتة كقوله تعالى : { فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون } [ الأعراف : 95 ] .

وقال قائلون : الاستدراج المكر ، لكن معنى ما يضاف الاستدراج والمكر على الخلق غير المعنى الذي يضاف إلى الله ، [ والجهة التي تضاف إلى الله غير الجهة التي تضاف إلى الخلق ]{[9174]} ، والكيد{[9175]} الذي يضاف إلى الخلق مذموم ، والكيد{[9176]} الذي يضاف إلى الله محمود ، وكذلك ما أضيف إلى الله من المكر والخداع والاستهزاء ونحوه ، وهو ما ذكرنا على اختلاف الجهات .

والمعنى في الجهة التي تضاف إلى الله غير الجهة التي تضاف إلى الخلق ؛ لأن الله تعالى يأخذهم مما يستوجبون ، ويستحقون بحق الجزاء والمكافآت ، فلا يلحقه في ذلك ذم . وأما الخلق في ما بينهم يمكرون ، ويكيدون لا على الاستحقاق والجزاء .

وعن الحسن في قوله تعالى : { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } [ أنه ]{[9177]} قال : كلما جدّدوا المعصية جدّد الله لهم نعمة ليستهزئوا ، ويأشروا ، ويبطروا ، ثم يهلكهم . وقال بعضهم : يظهر لهم النعم ، وينسيهم الشكر . وجائز أن يكون مما ذكر من الاستدراج والمكر والكيد عبارة عن العذاب ، أي إن أخذي إياهم وعذابي شديد حين{[9178]} قال : { إن كيدي متين } [ الأعراف : 183 ] أي عقوبتي شديدة .


[9173]:من م، في الأصل: الفضلة.
[9174]:من م، ساقطة من الأصل.
[9175]:في الأصل وم: والجهة.
[9176]:في الأصل وم: والجهة.
[9177]:ساقطة من الأصل وم.
[9178]:في الأصل وم: حيث.