الآية 180 وقوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } يحتمل هذا وجهين : يحتمل أنهم قد ظنوا أن في إثبات عدد الأسماء إيجاب إثبات عدد من الذّوات{[9162]} ، فأخبر أن ليس في إثبات عدد الأسماء إثبات أعداد من الذّوات{[9163]} ؛ إذ قد يسمى الشيء الواحد بأسماء مختلفة . ثم لا يوجب ذلك إثبات عدد ذلك ولا تجزئته من نحو ما تسمى الحركة حركة عرضا شيئا خلقا من غير أن أوجب ذلك إثبات عدد الحركة أو تجزئته ، وكذلك في جميع الأشياء . فعلى ذلك يخبر أنه ليس في إثبات عدد الأسماء إثبات عدد من الذوات على ما ذكرنا .
ويحتمل أن يكون خرج هذا مقابل قول كان منهم ، وهو أن وصفوا الله بشيء ، لا يحسن أن يوصف به ، وأضافوا إليه أشياء لا تصح أن تضاف من قولهم : يا خالق الخنازير ويا خالق الخبائث ويا إله القردة ونحوه . فأخبر أن ادعوه بالأسماء الحسنى ممّا ثبت عند{[9164]} الخلق أنه مسمّى [ بها بما هداهم ]{[9165]} ؛ يقال : يا هاد يا مرشد ونحوه ، ويقال : بما{[9166]} أعطاهم من النعم : يا كريم يا جواد يا لطيف ونحوه ، ويقال : يا خالق يا رزّاق يا الله يا رحمن يا رحيم لما ظهر في أنفسهم من ألوهيته وربوبيته ، فقال : لا تدعوا بكذا ، ولكن ادعوا بالأسماء التي ثبت عند الخلق تحقيقا [ أنه يسمى بها ]{[9167]} ، وهو ما ذكرنا ، والله أعلم .
وقد روي على هذا المعنى أن رجلا دعا في صلاته فقال : يا الله ويا رحمن ويا رحيم ، فقال رجل من المشركين : أليس بزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون إلها واحدا ؟ فما بال هذا يدعو ربّين نحو ما سمّوها آلهة وأربابا ؟ فقال : هذه الأسماء التي تدعون بها الأصنام لله ، فادعوه بها ، ولا تدعوا الأصنام .
وقوله تعالى : { وذروا الذين يلحدون في أسمائه } يحتمل أي لا تكافئهم بصنيعهم ، ولا تجازهم بأذاهم إياك ، فإن الله هو المكافئ لهم والمجازي بصنيعهم . ألا ترى أنه قال في آخره : { سيجزون ما كانوا به يعملون } ؟
وقوله تعالى : { يلحدون في أسمائه } قيل : الإلحاد هو الجور ، والميل عن الحق والوضع في غير موضعه . وهم سمّوا ملحدين لما سمّوا غيره بأسمائه أو لإشراك غيره في أسمائه ، أو سمّوا بذلك لما صرفوا شكر نعمه إلى غيره{[9168]} ، وعبدوا دونه مع علمهم أنه لم يكن منهم إليهم شيء من ذلك . إنما كان ذلك لهم من الله .
قال ابن عباس : الإلحاد الميل في جميع القرآن ، وقيل : الإلحاد : التكذيب . قال القتبيّ : يلحدون يجورون ، [ وعن الحق يعدلون ]{[9169]} وأصله : الجور والميل .
وقوله تعالى : { سيجزون ما كانوا يعملون } قال : هذه بشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالنصر له والظفر على أعدائه في الدنيا . وقال قائلون : هو حرف وعيد أوعدهم عز وجل بأذاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.