تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادٖ وَبَوَّأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورٗا وَتَنۡحِتُونَ ٱلۡجِبَالَ بُيُوتٗاۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (74)

الآية 74 وقوله تعالى : { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد } قد ذكرنا تأويله في قصة هود { وبوّأكم في الأرض }قيل : أنزلكم فيها { تتّخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا } يذكّرهم عز وجل ما أنعم عليهم من سعة المال وبسط الرزق لهم وما خصهم من اتخاذ البيوت من الجبال دون غيرهم من الناس .

خص هؤلاء بسعة الرزق وبسط الأموال ، وقوم هود بالقوة والبطش بقوله تعالى : { وزادكم في الخلق بسطة } [ الأعراف : 69 ] وقوله{[8585]} تعالى في آية أخرى { وقالوا من أشد منا قوة } [ فصلت : 15 ] وقوله{[8586]} تعالى : { وإذا بطشتم بطشتم جبارين } [ الشعراء : 130 ] .

كان خصهم بفضل القوة والبطش والطول من بين غيرهم ، وهؤلاء بسعة الأرزاق لهم وبسط الأموال { فاذكروا آلاء الله } من السعة في الأموال والبسط وبما { جعلكم خلفاء من بعد عاد } وبما أقدركم من اتخاذ البيوت من الجبال ، لم يقدر على مثله أحد ؛ لأن غيرهم من الخلائق إنما ينتفعون بالجبال على ما هي عليها ، وأما هم فقد مكّن لهم على نحتها واتخاذها بيوتا { ولا تعثوا في الأرض مفسدين } أي اذكروا نعمته ، ولا تشركوا في عبادتكم غيره .


[8585]:في الأصل وم: وقال.
[8586]:في الأصل وم: وقال.