الآية 94 وقوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء } في الآية إضمار ، والله أعلم ، من وجهين :
أحدهما : قوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من نبي } فكذّبوه .
[ والثاني : قوله تعالى ]{[8700]} { إلا أخذنا أهلها } قبل الهلاك { بالبأساء والضراء لعلهم يضّرّعون } .
ثم لم يأخذ الله قوما بالهلاك قبل أن يبعث إليهم الرسول ، وقبل أن يغيّروا هم{[8701]} بما أنعم عليهم [ ما ]{[8702]} بأنفسهم/181-أ/ كقوله تعالى : { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا } [ القصص : 59 ] وقوله تعالى : { وما كنا بمعذبين حتى نبعث رسولا } [ الإسراء : 15 ] وقوله{[8703]} تعالى : { إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم } [ الرعد : 11 ] وقوله{[8704]} تعالى : { وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } [ القصص : 59 ] وغير ذلك من الآيات .
أخبر أنه لا يأخذهم بالعذاب والهلاك إلا بعد قطع العذر لهم من جميع الوجوه ، وإن كان له الإهلاك قبل أن يبعث إليهم الرسول ، لما ركّب فيهم من العقول السليمة ما{[8705]} بها يوصل إلى فهم كل ما جعل فيهم من آثار [ وآيات وحدانيته ]{[8706]} وما جعل لهم من السمع ما به يوصل إلى سمع كل ما غاب والنطق بكل ما يريدون ما لم يجعل ذلك بغيرهم من البهائم ، وما أنعم عليهم من تصوير الصور ما لم يتمنّ أحد تأويله منها إلى غيرها من الصور .
لكنه لا يهلكهم إلا بعد بعث الرسل إليهم لما أن الخلق على مراتب : منهم من يفهم بالعقل لا يحتاج إلى معونة{[8707]} السمع ، وهم العلماء والحكماء الذين يدركون الأشياء بالبديهة ، ومنهم من لا يدرك إلا بمعونة السمع وهم كالصبيان : إنهم لا يدركون إلا بالسمع وفضل التنبيه ، ومنهم من لا يدرك بالعقل ذلك ولا بالسمع حتى تصيبهم الشدائد والغير في أنفسهم وفي ما أنعم عليهم ، وهم كالبهائم الذين لا عقل لهم ، ولا سمع ، ولكن يعرفون الشدائد وما يصيبهم من البلايا .
فعلى ذلك يمتحنهم عز وجل ويبتليهم بالشدائد والبلايا أولا . فإن رجعوا عن ذلك ، وعرفوا نعمه ، وإلا أهلكهم بعد ذلك .
فعند ذلك ينتهون ، ويتذكّرون . وذلك قوله تعالى : { فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون } [ الأنعام : 41 ] وقوله تعالى : { وفي البأساء والضراء } [ البقرة : 177 ] قد ذكرنا في صدر الكتاب .
وقوله تعالى : { لعلهم يتضرّعون } أي لكي يكون عليهم التضرّع ، أو لكي يلزمهم التضرّع والتذكّر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.