تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

الآية 88 وقوله تعالى : { قال الملأ الذين استكبروا من قومه } قد ذكرنا في غير موضع أن الملأ من قومه : هم كبراؤهم ورؤساؤهم . وقوله { استكبروا } أي استكبروا عن الخضوع والطاعة لمن هو دونهم عندهم{[8652]} لأنهم كانوا يضعّفون شعيبا في ما بينهم ، ويزدرونه ، بقولهم{[8653]} : { وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز } [ هود : 91 ] .

ثم لم يروا الأمر بالخضوع لمن هو دونهم في أمر الدنيا عدلا ، وهم إنما أخذوا من إبليس اللعين [ رأيه ، وقلّدوه حين ]{[8654]} قال : { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } [ الأعراف : 16 وص : 76 ] [ حين أمر ]{[8655]} بالسجود لآدم ، ولم ير اللعين الأمر بالخضوع لآدم من الله عدلا . فعلى ذلك هؤلاء لم يروا الخضوع لمن دونهم عندهم عدلا ، فاستكبروا عليه ، فكفروا لذلك .

وقوله تعالى : { لنخرجنّك يا شعيب } قال الحسن : { لنخرجنّك } أي لنقتلنّك { والذين آمنوا معك من قريتنا } وقال غيره : { لنخرجنّك }الإخراج نفسه ؛ أي لنخرجنّك ومن معك من المؤمنين من قريتنا إن لم تتّبع ديننا .

وقد كان منهم للأنبياء المعنيان{[8656]} جميعا : التوعّد بالقتل والإخراج جميعا كما قالوا : { ولولا رهطك لرجمناك } [ هود : 91 ] ، وكقول قوم لوط للوط : { لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين } [ الشعراء : 167 ] ، وكقول قوم نوح { لئن لم تنته يا نوح لتكوننّ من المرجومين } [ الشعراء : 116 ] ، وما أخبر عن قول هؤلاء لرسولنا حين{[8657]} قال : { وإذ يمكر بك الذين كفروا } [ الأنفال : 30 ] . قد كان من القوم إلى الأنبياء والرسل عليهم السلام المعنيان{[8658]} جميعا : التوعّد بالقتل والإخراج جميعا .

فعلى ذلك يحتمل ذلك من قوم شعيب ما ذكرنا ، والله أعلم .

وكذلك كانوا يقولون للرسل جميعا حين{[8659]} قالوا : { لنخرجنّكم من أرضنا } الآية [ إبراهيم : 13 ] . هذه{[8660]} كانت عادة جميع الكفرة يخوّفون الرسل بالإخراج مرة وبالقتل ثانيا .

وقوله تعالى : { أو لتعودنّ في ملّتنا } يحتمل قوله تعالى : { أو لتعودنّ في ملّتنا } لما عندهم أنه كان على دينهم الذي هم عليه لما يرون منه عبادته لله في ما يعبده{[8661]} سرا ، فقالوا : { أو لتعودنّ في ملّتنا } على ما كان عندهم أنه على ذلك . وهو كما قالوا لصالح : { قد كنت فينا مرجوّا فينا قبل هذا } [ هود : 62 ] ، كان عندهم أنه على دينهم قبل ذلك .

فعلى ذلك يحتمل قول{[8662]} هؤلاء { أو لتعودنّ } من العود إلى ما كان عندهم أنه على ذلك .

ويحتمل على الابتداء : [ ابتداء ]{[8663]} الدخول فيها والاختبار كقوله تعالى : { يخرجهم من الظلمات إلى النور } [ البقرة : 257 ] على منع الدخول فيها لا أنهم كانوا فيها ، ثم أخرجهم ، فعلى ذلك الأول .

وقوله تعالى : { أولو كنا كارهين } يقول : أو لنعودنّ في ملّتكم ، وإن كنا كارهين : أي تأبى عقولنا ، وتكره طباعنا الدخول{[8664]} في ملّتكم ، فكيف نعود فيها ؟


[8652]:من م، في الأصل: عند.
[8653]:في الأصل وم: كقولهم.
[8654]:في الأصل وم: رأياه قلدوا حيث.
[8655]:من م، ساقطة من الأصل.
[8656]:في الأصل وم: المعنيين.
[8657]:في الأصل وم: حيث.
[8658]:في الأصل وم: المعنيين.
[8659]:في الأصل وم: حيث.
[8660]:في الأصل:وم: هذا.
[8661]:في الأصل وم: بعده.
[8662]:في الأصل وم: قوله.
[8663]:ساقطة من الأصل وم.
[8664]:أدرج قبلها في الأصل وم: عن.