الآية 88 وقوله تعالى : { قال الملأ الذين استكبروا من قومه } قد ذكرنا في غير موضع أن الملأ من قومه : هم كبراؤهم ورؤساؤهم . وقوله { استكبروا } أي استكبروا عن الخضوع والطاعة لمن هو دونهم عندهم{[8652]} لأنهم كانوا يضعّفون شعيبا في ما بينهم ، ويزدرونه ، بقولهم{[8653]} : { وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز } [ هود : 91 ] .
ثم لم يروا الأمر بالخضوع لمن هو دونهم في أمر الدنيا عدلا ، وهم إنما أخذوا من إبليس اللعين [ رأيه ، وقلّدوه حين ]{[8654]} قال : { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } [ الأعراف : 16 وص : 76 ] [ حين أمر ]{[8655]} بالسجود لآدم ، ولم ير اللعين الأمر بالخضوع لآدم من الله عدلا . فعلى ذلك هؤلاء لم يروا الخضوع لمن دونهم عندهم عدلا ، فاستكبروا عليه ، فكفروا لذلك .
وقوله تعالى : { لنخرجنّك يا شعيب } قال الحسن : { لنخرجنّك } أي لنقتلنّك { والذين آمنوا معك من قريتنا } وقال غيره : { لنخرجنّك }الإخراج نفسه ؛ أي لنخرجنّك ومن معك من المؤمنين من قريتنا إن لم تتّبع ديننا .
وقد كان منهم للأنبياء المعنيان{[8656]} جميعا : التوعّد بالقتل والإخراج جميعا كما قالوا : { ولولا رهطك لرجمناك } [ هود : 91 ] ، وكقول قوم لوط للوط : { لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين } [ الشعراء : 167 ] ، وكقول قوم نوح { لئن لم تنته يا نوح لتكوننّ من المرجومين } [ الشعراء : 116 ] ، وما أخبر عن قول هؤلاء لرسولنا حين{[8657]} قال : { وإذ يمكر بك الذين كفروا } [ الأنفال : 30 ] . قد كان من القوم إلى الأنبياء والرسل عليهم السلام المعنيان{[8658]} جميعا : التوعّد بالقتل والإخراج جميعا .
فعلى ذلك يحتمل ذلك من قوم شعيب ما ذكرنا ، والله أعلم .
وكذلك كانوا يقولون للرسل جميعا حين{[8659]} قالوا : { لنخرجنّكم من أرضنا } الآية [ إبراهيم : 13 ] . هذه{[8660]} كانت عادة جميع الكفرة يخوّفون الرسل بالإخراج مرة وبالقتل ثانيا .
وقوله تعالى : { أو لتعودنّ في ملّتنا } يحتمل قوله تعالى : { أو لتعودنّ في ملّتنا } لما عندهم أنه كان على دينهم الذي هم عليه لما يرون منه عبادته لله في ما يعبده{[8661]} سرا ، فقالوا : { أو لتعودنّ في ملّتنا } على ما كان عندهم أنه على ذلك . وهو كما قالوا لصالح : { قد كنت فينا مرجوّا فينا قبل هذا } [ هود : 62 ] ، كان عندهم أنه على دينهم قبل ذلك .
فعلى ذلك يحتمل قول{[8662]} هؤلاء { أو لتعودنّ } من العود إلى ما كان عندهم أنه على ذلك .
ويحتمل على الابتداء : [ ابتداء ]{[8663]} الدخول فيها والاختبار كقوله تعالى : { يخرجهم من الظلمات إلى النور } [ البقرة : 257 ] على منع الدخول فيها لا أنهم كانوا فيها ، ثم أخرجهم ، فعلى ذلك الأول .
وقوله تعالى : { أولو كنا كارهين } يقول : أو لنعودنّ في ملّتكم ، وإن كنا كارهين : أي تأبى عقولنا ، وتكره طباعنا الدخول{[8664]} في ملّتكم ، فكيف نعود فيها ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.