تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (41)

الآية 41 وقوله تعالى : { إنا لقادرون } { على أن نبدل خيرا منهم } هذا موضع [ جواب ] {[22117]}القسم .

فجائز أن يكون أريد به أن يبدل الخير منهم ، فيجعل مكان [ الشر خيرا ] {[22118]} كقوله تعالى : { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا } [ يونس : 99 ] وقد فعل ذلك لأنهم أسلموا .

ويحتمل أن يكون أراد به { أن نبدل خيرا منهم } ثم هذا يخرج على [ وجوه :

أحدهما : ] {[22119]}على تحقيق القدرة .

والثاني : أن يكون معنى القدرة إرادة الفعل .

أما الأول فعلى وجهين :

أحدهما : على معنى تخويف أهل مكة ، لأنهم إن لم ينتهوا عن ذلك ينزل الله تعالى مكانهم من هو خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

والبدل لا يكون إلا بعد المبدل منه ، وقد فعل الله تعالى ذلك بهم [ إذ ] {[22120]}أهلك 597- ب/ المعاندين منهم ، وأبدل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولادهم والمهاجرين منهم والأنصار الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصره .

والثاني : أنا كنا قادرين على أن نجعل المرسل إليهم خيرا ، إذ قد علموا من قدرة الله عز وجل ، أنه {[22121]} ، هو الذي خلقهم ، وأنشأهم . لكن إنما أرسل إليهم ، وأمرهم لحاجات أنفسهم لا لنفع يرجع إليه ، ليس على ما عليه ملوك الدنيا ، لكنه إنما امتحنهم بالأمر ليسعوا في نجاة أنفسهم ، ونهاهم ليكفوا رقابهم عن النار ، فيكون فيه تسكين قلب النبي صلى الله عليه وسلم عند وجده عليهم حين {[22122]} لم يؤمنوا .

وأما الوجه [ الثالث فأن ]{[22123]} يكون معنى القدرة إرادة الفعل خاصة ، إذ يكنى بالقدرة [ عن الفعل ، إذ هي ]{[22124]} سبب الفعل كالأمر المعتاد بين الخلق ، يأمر رجل آخر بفعل ، فيقول : لا أستطيع ، ولا أقدر ، أي لا أفعل . وعلى هذا تأويل قوله عز وجل . { إنا لقادرون } أي لفاعلون ما{[22125]} هو خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم بدلا من هؤلاء .

فإن كان على هذا فيكون فيه بشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجعل له أصحابا يرضاهم ، ويكون فيه إخبار الله عز وجل له بالنصر والغلبة على المكذبين منهم ، ويكون فيه إنباء لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا ينفذ فيه مكرهم ، وإن اجتهدوا ، ويكون فيه إعلام أنه ينتقم منهم له ، ويعذبهم .

وقد فعل ذلك كله بحمد الله عز وجل والله المستعان حين{[22126]} بدّل على أهل مكة أهل المدينة ، وكانوا خيرا منهم لأن أهل مكة كانوا عليه ، وأهل المدينة كانوا له ، فكانوا هم [ خير الله ]{[22127]} .

وقوله تعالى : { وما نحن بمسبوقين } والمسبوق المغلوب ، فكأنه قال : لا يسبقنا أحد ، ولا يعجزنا أحد عن ذلك ، ولا يفوتنا ما نريده .


[22117]:ساقطة من الأصل وم.
[22118]:في الأصل: ما كانوا من الشر والخير، في م: ما كانوا من الشر خيرا.
[22119]:في الأصل وم: وجهين احدهما
[22120]:ساقطة من الأصل وم.
[22121]:في الأصل وم: وإنه.
[22122]:في الأصل وم: حيث.
[22123]:في الأصل: الثالث أن في م: الثاني أن.
[22124]:في الأصل وم: إذ هو.
[22125]:في الأصل وم: من.
[22126]:في الأصل وم: حيث
[22127]:في م: خيرا.