تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (2)

الآية2 : وقوله تعالى : { قال يا قوم إني لكم نذير مبين } أي مبين لما يقع به الإنذار والتخويف ، فتكون الإبانة منصرفة إلى النذارة .

ويحتمل أن يكون هذا الوصف راجعا على نفسه خاصة ، كأنه قال : إني نذير لكم مبين أي إني لم أقم في دعائي إياكم إلى عبادة الله تعالى وإنذاركم من عند نفسي ، ولكن بما اختصني الله تعالى وولاني ذلك .

ثم الأصل في الإنذار نهي ، وفي النهي أمر ، لكن الإنذار يقضي نهيا وكيدا ، والنهي الوكيد يقتضي بالخلاف أمرا وكيدا .

وأما البشارة ، فهي تقتضي الأمر الوكيد وغير الوكيد ، لأنه يستوجب البشارة بكل خير يفعله ، وإن كان للمرء ترك ذلك الخير بخير يأتي به ، فلا يفهم بنفس البشارة الأمر الوكيد ، ويفهم بتصريح النذارة تأكيد الوجهين اللذين ذكرناهما .

وإذا كان كذلك فمطلق البشارة لا يدل على تحقيق النذارة ؛ فهي تدل على البشارة ، لأن النذارة على ما هو فيه في الفعل تلزم النهي ، وإذا انتهي عنه فقد حصل العفو ، وفي حصول العفو ارتفاع ما خوف وذهابه{[22144]} .


[22144]:الواو ساقطة من الأصل.