تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} (125)

فقال : [ ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) ( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أي شك ونفاق ( فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ) أي تكذيبا وكفرا إلى تكذيبهم الذي كان منهم ؛ لأن أهل النفاق ][ من م ، ساقطة من الأصل ] والكفر ليسوا هم بأهل إنصاف ؛ يقبلون الحجة والدلالة إذا قامت عليهم ، إنما همهم العناد والتكذيب ورد الحجج والدلائل [ فكلما زاد لهم ][ في الأصل : فلما زادوا ، في م : فكلما زادوا ] الحجج والبراهين [ ازدادوا هم ][ في الأصل وم : ازداد ] عنادا في التكذيب والرد .

وأما أهل الإيمان فإن همهم قبول الحجج والإنصاف ؛ فكلما ازداد[ في الأصل وم : ازداد لهم ] لهم الحجج والبراهين [ ازدادوا هم ][ في الأصل وم : ازداد لهم ] إيمانا وتصديقا على ما كان لهم . ثم قوله : ( فزادهم إيمانا ) زادتهم ثباتا ودواما على ما كانوا من قبل بما قدمت[ في الأصل وم : قامت ] لهم من الحجج والبراهين .

وكذلك ازداد لأهل النفاق والكفر بها الثبات على العناد في تكذيب الحجج والآيات .

والثاني : زادتهم[ في الأصل وم : ازداد لهم ] إيمانا بالتفسير على إيمانهم بالجملة ، وإن كانوا مصدقين لذلك كله جملة . فإذا نزلت لهم نوازل وفرائض ازداد لهم التصديق والثبات .

وأصله أنه لوما[ من م ، في الأصل : لولا ] كان منهم من الإيمان والتصديق لكان هذا منهم ابتداء وإحداث تصديق . وكذلك لو لم يكن من أهل النفاق ما سبق من العناد لكان ذلك منهم إحداث تكذيب وعناد . فإذا كان منهم ما ذكرنا كان ذلك زيادة على ما كان لما ذكرنا .

وقال بعضهم : يزداد لأهل الإيمان خيرات ولأهل النفاق شر . ولكن هو واحد ، وهو ما ذكرنا .

وقوله تعالى : ( فزادهم إيمانا ) . . . ( فزادتهم رجسا ) يخرج على وجهين :

أحدهما : زادت للمؤمنين إيمانا على الذي كان لهم من الإيمان والتصديق .

والثاني : زادت[ في الأصل وم : زاد ] لهم حجة وبرهانا لما كان .

وكذلك يزداد لأهل النفاق ضد ذلك .

وقوله تعالى : ( وهم يستبشرون ) قيل : يفرحون بنزولها .

ثم إضافة الزيادة إلى السورة بقوله : ( فزادتهم إيمانا ) لوجهين :

أحدهما : أضيف إليها الزيادة على ما أضيف الغرور إلى الدنيا ؛ وهو ما[ في الأصل وم : لما ] ذكرنا أنه يبدو منها لهم التزيين ما لو كان من دون الأفعال والتغرير كان ذلك غرورا .

والثاني : أضاف التغرير إليها لما بها اغترار أهلها ، وكذلك إضافة الزيادة إلى السورة لما بها ازداد لهم التكذيب والكفر ، وازداد لأهل الإيمان بها [ التصديق ، فأضيفت[ في م : فأضيف ] الزيادة إليها .

وقال بعضهم ما ذكرنا أنها حجة ودلالة ، فالحجة يزداد لأهل الإيمان التصديق[ في م : بها ] ][ من م ، ساقطة من الأصل ] إذ هم قد اعتقدوا قبول الحجج والدلائل .

وأما النفاق والكفر فإنهم أهل عناد ومكابرة ، إذ قد اعتقدوا العناد ورد الحجج ، فكلما ازداد لهم [ الحجج ازدادوا ][ ساقطة من الأصل وم ] عنادا وكفرا .

وقال أبو بكر الأصم : إنما أضيفت الزيادة إليها لأنها كانت سبب الزيادة . وقد تضاف الأشياء إلى أسبابها كما تضاف إلى حقيقة الأفعال . ولكن يحتمل أن تكون السورة التي نزلت سببا لزيادة الكفر ، لكن الوجه فيه ما ذكرنا ، والله أعلم .