تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (126)

وقوله تعالى : ( أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ) قيل : يبتلون بالجهاد والغزو ، فيتخلفون عنه ، فيظهر بذلك نفاقهم وكفرهم ، وقيل : يبتلون بالشدة والجوع ، فيظهر أيضا بذلك نفاقهم كقوله : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ) وقيل : ( يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ) ذلك[ في الأصل وم : وذلك ] أنهم كانوا إذا خلوا تكلموا بالكفر في ما بينهم ، ثم إذا أتوا النبي أخبرهم بما تكلموا به في الخلوة ، فيضحكون .

بذلك افتتانه إياهم وابتلاؤه لهم ؛ كان يظهر بما ذكر نفاقهم مرة في الجهاد في سبيل الله ومرة بالشدة والخوف ومرة بما يُطلع الله نبيه [ على ما ][ في الأصل وم : فما ] يضمرون ، ويتكلمون به .

وتحتمل هذه الآية الوجوه الثلاثة : الجهاد معه والابتلاء بالشدائد والإفزاع . وتحتمل إظهار الأسرار التي أسروا في أنفسهم والافتضاح مما أخفوا . فإن[ في الأصل وم : لكن ] كان هذا فذلك مما يكثر منه ؛ أعني كتمان النفاق وإسرار الخلاف لهم ، [ وإن كان ][ في الأصل وم : لكن ] ذكر المرة والمرتين يرجع [ إلى ][ في الأصل وم : بما ] الافتضاح والإظهار فذلك يحتمل أن يكون في العام مرة أو مرتين .

وقوله تعالى : ( ثُمَّ لا يَتُوبُونَ ) عن نفاقهم ( وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) ما[ في الأصل وم : بما ] ما ابتلوا من الافتضاح وظهور النفاق منهم ، والله أعلم .