تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

وقوله تعالى : ( الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ) قد ذكرنا الوجه في الحروف المقطعات في صدر الكتاب .

وقوله تعالى : ( تلك آيات الكتاب الحكيم ) قال بعضهم : ( الحكيم ) هو الله ؛ كأنه قال : الكتاب آيات الله . وقال بعضهم ( الحكيم ) هو صفة القرآن . والكتاب يحتمل وجهين :

أحدهما[ في الأصل وم : يحتمل ] : أنه : سماه حكيما فعيلا بمعنى أنه محكم . وجائز تسمية المفعول باسم الفعيل نحو قتيل بمعنى مقتول وجريح بمعنى مجروح ونحو ذلك : فيه الحلال والحرام والأمر والنهي ، أو محكم متقن مبرء[ في الأصل وم : مبرم ] من الباطل والكذب والاختلاف . وهو ما وصفه تعالى : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه )الآية[ فصلت : 42 ] .

والثاني : [ أنه سماه ][ ساقطة من الأصل وم ] حكيما لما أن من تأمل فيه ، ونظر ، وفهم ما أودع فيه ، وأدرج ، صار حكيما ، وهو ما وصفه تعالى ، وسماه مجيدا[ إشارة إلى قوله تعالى ( بل هو قرآن مجيد )[ البروج : 21 ] وقوله ( ق والقرآن المجيد )[ ق : 1 ] ] : أي من تأمله ، ونظر فيه ، صار مجيدا شريفا . والحكيم هو المصيب في الحقيقة إن كان صفة القرآن وصفة الله[ ساقطة من م ] ؛ فهو حكيم واضع كل شيء موضعه . فإن كان صفة القرآن فهو كذلك أيضا واضع كل شيء موضعه .

وقوله تعالى : ( آيات ) يحتمل آيات الكتاب المعروف ، ويحتمل الحجج والبراهين أي حجج الكتاب المعروف ، ويحتمل الحجج والبراهين أي حجج الكتاب وبراهينه وأعلامه ، وقد تقدم ذكر الآيات في غير موضع والله أعلم .