تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلِسَانٗا وَشَفَتَيۡنِ} (9)

الآيتان 8 و9 : وقوله تعالى : { ألم نجعل له عينين } { ولسانا وشفتين } فإن كان قوله : { أيحسب أن لن يقدر عليه أحد } على نفي القدرة على البعث . ففي ذكر العينين نفي تلك الشبهة ، وهو أن الله تعالى أنشأ له بصرا يرى بفتحة واحدة ما بين السماء والأرض . فمن بلغت قدرته هذا لا يعجزه شيء أو يخفى عليه أمر .

فقوله تعالى : { ألم نجعل له عينين } أي ألم نخلق له عينين يدرك بهما المحسوسات بالنظر ، وجعلنا لهما جفونا وأشعارا يدفع بهن القذى عن عينيه ، وبفضلهما يميل عن النظر إلى ما لا يعنيه .

وقوله تعالى : { ولسانا } أي خلقنا له لسانا يحضر به ما غاب ، واستتر .

وقوله تعالى : { وشفتين } ففي خلق الشفتين وجهان من الحكمة :

أحدهما : أنه جعلهما طبقتين يستران قبح ما في فمه ، ولولاهما لكان النظر إليه وقت مضغه الطعام أو شيئا من الأشياء استقذر ذلك منه .

[ الثاني : أنه ]{[23648]} جعلهما طبقين للسانه لئلا يمده ، ويستعمله في ما لا يعنيه .

فذكرهم عظم نعمه في خلق العينين واللسان والشفتين ليستأدي منهم الشكر ، وليعلموا أن الذي بلغت قدرته هذا ليس بالذي يعجزه شيء .


[23648]:في الأصل وم: و.