النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا} (49)

قوله عز وجل : { ووضع الكتابُ } فيه وجهان :

أحدهما : أنها كتب الأعمال في أيدي العباد ، قاله مقاتل .

الثاني : أنه وضع الحساب ، قاله الكلبي ، فعبر عن الحساب بالكتاب لأنهم يحاسبون على أعمالهم المكتوبة .

{ فترى المجرمين مشفقين مما فيه } لأنه أحصاه الله ونسوه .

{ ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يُغادِرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها }

وفي الصغيرة تأويلان :

أحدهما : أنه الضحك ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنها صغائر الذنوب التي تغفر باجتناب كبائرها .

وأما الكبيرة ففيها قولان :

أحدهما : ما جاء النص بتحريمه .

الثاني : ما قرن بالوعيد والحَدِّ .

ويحتمل قولاً ثالثاً : أن الصغيرة الشهوة ، والكبيرة العمل .

قال قتادة : اشتكى القوم الإحْصاء وما اشتكى أحد ظلماً ، وإياكم المحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه .

{ ووجَدوا ما عَملوا حاضِراً } يحتمل تأويلين :

أحدهما : ووجدوا إحصاء ما عملوا حاضراً في الكتاب .

الثاني : ووجدوا جزاء ما عملوا عاجلاً في القيامة .

{ ولا يظلم ربك أحداً } يعني من طائع في نقصان ثوابه ، أو عاص في زيادة عقابه .