النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (280)

قوله عز وجل : { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } قيل إن في قراءة أُبَيٍّ { ذَا عُسْرَةٍ } وهو جائز في العربية .

وفيه قولان :

أحدهما : أن الإِنظار بالعسرة واجب في دَيْن الربا خاصّة ، قاله ابن عباس ، وشريح .

والثاني : أنه عام يجب إنظاره بالعسرة في كل دَيْن ، لظاهر الآية ، وهو قول عطاء ، والضحاك ، وقيل إن الإِنظار بالعسرة في دَيْن الربا بالنص ، وفي غيره من الديون بالقياس .

وفي قوله : { إِلَى مَيْسَرَةٍ } قولان :

أحدهما : مفعلة{[465]} من اليسر ، وهو أن يوسر ، وهو قول الأكثرين .

والثاني : إلى الموت ، قاله إبراهيم النخعي .

{ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ } يعني وأن تصدقوا على المعسر بما عليه من الدّيْن خير لكم من أن تُنظروه ، روى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : كان آخر ما نزل من القرآن آية الربا ، فدعوا الربا والرُّبْية{[466]} ، وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها .


[465]:- مفعلة: في ك ملفعة وهو تحريف والمراد على وزن مفعلة وهو مصدر ميمي للفعل يسر.
[466]:- الرُّبية: بضم الراء المشددة وسكون الباء: لغة في الربا وقد جاءت في حديث صلح أهل نجران. ويكون ذكر الكلمة بعد الربا للتوكيد. وقد تكون الريبة أي ما ترتابون فيه. والمشهور أن آخر ما نزل من القرآن آية: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله. وهي بعد هذه الآية مباشرة في المصحف.