النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَيۡنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (54)

قوله تعالى : { الَّذِينَ َآتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني الذين آتيناهم التوراة والإنجيل من قبل القرآن هم بالقرآن يؤمنون ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : الذي آتيناهم التوراة والإنجيل من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون ، قاله ابن شجرة .

وفيمن نزلت قولان :

أحدهما : نزلت في عبد الله بن سلام وتميم الداري والجارود العبدي وسلمان الفارسي أسلموا فنزلت فيهم هذه الآية والتي بعدها ، قاله قتادة .

الثاني : أنها نزلت في أربعين رجلاً من أهل الإنجيل كانوا مسلمين بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه ، اثنان وثلاثون رجلاً من الحبشة أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب وقت قدومه وثمانية قدموا من الشام . منهم بحيراً وأبرهة والأشراف وعامر وأيمن وإدريس ونافع فأنزل الله فيهم هذه الآية ، والتي بعدها إلى قوله { أُوْلَئِكَ يُؤْتُوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا } قال قتادة : [ بإيمانهم ] بالكتاب الأول وإيمانهم بالكتاب الآخر .

وفي قوله بما صبروا ثلاثة أوجه :

أحدها : بما صبروا على الإيمان ، قاله ابن شجرة .

الثاني : على الأذى ، قاله مجاهد .

الثالث : على طاعة الله وصبروا عن معصية الله ، قاله قتادة .

{ . . . وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ } فيه خمسة أوجه :

أحدها : يدفعون بالعمل الصالح ما تقدم من ذنب ، قاله ابن شجرة .

الثاني : يدفعون بالحلم جهل الجاهل ، وهذا معنى قول يحيى بن سلام .

الثالث : يدفعون بالسلام قبح اللقاء ، وهذا معنى قول النقاش .

الرابع : يدفعون بالمعروف المنكر ، قاله ابن جبير .

الخامس : يدفعون بالخير الشر ، قاله ابن زيد .

ويحتمل سادساً : يدفعون بالتوبة ما تقدم من المعصية .

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : يؤتون الزكاة احتساباً ، قاله ابن عباس .

الثاني : نفقة الرجل على أهله وهذا قبل نزول الزكاة ، قاله السدي .

الثالث : يتصدقون من أكسابهم ، قاله قتادة .