الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فلما رجعوا من عيدهم، {فأقبلوا إليه يزفون} يمشون إلى إبراهيم يأخذونه بأيديهم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فأَقْبَلُوا إلَيْهِ يَزِفّونَ"... من قولهم: زَفّتِ النعامة، وذلك أوّل عَدْوِها، وآخر مشيها...

وقد اختف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم: معناه: فأقبل قوم إبراهيم إلى إبراهيم يَجْرُون...

وقال آخرون: أقبلوا إليه يَمْشُون...

وقال آخرون: معناه: فأقبلوا يستعجلون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أصل الزّفيف كأنه المشي بسرعة على ما يسرع في المشي المرء إذا أصابه شيء أو فُعل به أمر، ظاهر هذا أنهم أقبلوا عليه وقت ما كسرها، وفعل بها ما فعل.

لكن في آية أخرى ما يدل أن إقبالهم عليه كان بعد ما خرج من عندها، وغاب. وكان بعد ذلك بزمان، ألا ترى أنهم {قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين} {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم}؟ [الأنبياء: 59 و60] ولو كانوا أقبلوا عليه يزفّون، وهو عندها حاضر لم يحتاجوا إلى أن يقولوا: {من فعل هذا بآلهتنا} بل يقولون: إن إبراهيم فعل ذلك بها، ولا كان لقول إبراهيم {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون} [الأنبياء: 63].

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{يَزِفُّونَ} يسرعون، من زفيف النعام.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

قال الأصمعي يقال أزففت الإبل إذا حملتها على أن تزف، قال وهو سرعة الخطوة ومقاربة المشي كأنهم حملوا دوابهم على الإسراع في المشي.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فأقبلوا} ودل على أنه من مكان بعيد بقوله: {إليه يزفون}، وقراءة حمزة بالبناء للمفعول أدل على شدة الإسراع؛ لدلالتها على أنهم جاؤوا على حالة كان حاملاً يحملهم فيها على الإسراع، وقاهراً يقهرهم عليه من شدة ما في نفوسهم من الوجد.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وينتهي هذا المشهد فيليه مشهد جديد. وقد عاد القوم فاطلعوا على جذاذ الآلهة! ويختصر السياق ما يفصله في سورة أخرى من سؤالهم عمن صنع بآلهتهم هذا الصنع، واستدلالهم في النهاية على الفاعل الجريء. يختصر هذا ليقفهم وجهاً لوجه أمام إبراهيم!

(فأقبلوا إليه يزفون)..

لقد تسامعوا بالخبر، وعرفوا من الفاعل، فأقبلوا إليه يسرعون الخطى ويحدثون حوله زفيفاً.. وهم جمع كثير غاضب هائج، وهو فرد واحد. ولكنه فرد مؤمن. فرد يعرف طريقه. فرد واضح التصور لإلهه. عقيدته معروفة له محدودة. يدركها في نفسه، ويراها في الكون من حوله. فهو أقوى من هذه الكثرة الهائجة المائجة، المدخولة العقيدة، المضطربة التصور. ومن ثم يجبههم بالحق الفطري البسيط لا يبالي كثرتهم وهياجهم وزفيفهم!

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

" فأقبلوا إليه يزفون " قرأ حمزة " يزفون " بضم الياء . الباقون بفتحها . أي يسرعون . قاله ابن زيد . قتادة والسدي : يمشون . وقيل : المعنى يمشون بجمعهم على مهل آمنين أن يصيب أحد آلهتهم بسوء . وقيل : المعنى يتسللون تسللا بين المشي والعدو ، ومنه زفيف النعامة . وقال الضحاك : يسعون وحكى يحيى بن سلام : يرعدون غضبا . وقيل : يختالون وهو مشي الخيلاء ، قاله مجاهد . ومنه أُخِذ زفاف العروس إلى زوجها . وقال الفرزدق :

وجاء قريعُ الشَّوْلِ قبل إِفَالِهَا *** يَزِفُّ وجاءت خَلْفَه وهي زُفَّفُ{[13272]}

ومن قرأ : " يزفون " فمعناه يزفون غيرهم أي يحملونهم على التزفيف . وعلى هذا فالمفعول محذوف . قال الأصمعي : أزففت الإبل أي حملتها على أن تزف . وقيل : هما لغتان يقال : زف القوم وأزفوا ، وزففت العروس وأزففتها وازدففتها بمعنى ، والمزفة : المحفة التي تزف فيها العروس ، حكي ذلك عن الخليل . النحاس : " ويزفون " بضم الياء . زعم أبو حاتم أنه لا يعرف هذه اللغة ، وقد عرفها جماعة من العلماء منهم الفراء وشبهها بقولهم : أطردت الرجل أي صيرته إلى ذلك . وطردته نحيته ؛ وأنشد هو وغيره :

تمنى حُصَيْنٌ أن يسود جِذَاعَةً *** فأمسى حصين قد أُذِلَّ وأُقْهِرَا{[13273]}

أي صير إلى ذلك ، فكذلك " يزفون " يصيرون إلى الزفيف . قال محمد بن يزيد : الزفيف الإسراع . وقال أبو إسحاق : الزفيف أول عدو النعام . وقال أبو حاتم : وزعم الكسائي أن قوما قرؤوا " فأقبلوا إليه يزفون " خفيفة ؛ من وزف يزف ، مثل وزن يزن . قال النحاس : فهذه حكاية أبي حاتم وأبو حاتم لم يسمع من الكسائي شيئا . وروى الفراء وهو صاحب الكسائي عن الكسائي أنه لا يعرف " يزفون " مخففة . قال الفراء : وأنا لا أعرفها . قال أبو إسحاق : وقد عرفها غيرهما أنه يقال{[13274]} وزف يزف إذا أسرع . قال النحاس : ولا نعلم أحدا قرأ " يزفون " .

قلت : هي قراءة عبد الله بن يزيد فيما ذكر المهدوي . الزمخشري : و " يزفون " على البناء للمفعول . " يزفون " من زفاه إذا حداه ، كأن بعضهم يزف بعضا لتسارعهم إليه . وذكر الثعلبي عن الحسن ومجاهد وابن السميقع : " يرفون " بالراء من رفيف النعام ، وهو ركض بين المشي والطيران .


[13272]:القريع: الفحل المختار للضراب. الشول من النوق جمع شائلة على غير قياس، وهي الناقة التي أتى عليها، حملها أو وضعها سبعة أشهر فجف لبنها. وإفالها: صغارها. ويزف: يعدو. يريد أن القريع يفر من شدة البرد وكذا الإفال.
[13273]:البيت للمخبل السعدي يهجو الزبرقان وقومه، وهم المعروفون بالجذاع. والأصمعي يرويه كما في اللسان مادة قهر، قد أذل وأقهرا بالبناء للمعلوم، أي صار أمره إلى الذل والقهر.
[13274]:الزيادة من إعراب القرآن للنحاس.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

ولما تسبب عن ذلك أنهم لما علموا بكسرها ظنوا فيه لما كانوا يسمعونه منه من ذمها وحلفه بأنه ليكيدنها فأتوه ، أخبر عن ذلك بقوله مسبباً : { فأقبلوا } ودل على أنه من مكان بعيد بقوله : { إليه يزفون * } أي يسرعون ، وقراءة حمزة بالبناء للمفعول أدل على شدة الإسراع لدلالتها على أنهم جاؤوا على حالة كان حاملاً يحملهم فيها على الإسراع وقاهراً يقهرهم عليه من شدة ما في نفوسهم من الوجد .