جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ومِزاج هذا الرحيق من تسنيم، والتسنيم: التفعيل من قول القائل: سنمتهم العين تسنيما: إذا أجريتها عليهم من فوقهم، فكان معناه في هذا الموضع: ومِزاجه من ماء ينزل عليهم من فوقهم فينحدر عليهم... وأما سائر أهل التأويل، فقالوا: هو عين يمزج بها الرحيق لأصحاب اليمين، وأما المقرّبون، فيشربونها صِرْفا...
فتأويل الكلام: ومزاج الرحيق من عين تُسَنّم عليهم من فوقهم، فتنصبّ عليهم يَشْرَبُ بِها المُقَرّبُونَ من الله صرفا، وتمزج لأهل الجنة.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قيل: التسنيم شيء أعده الله تعالى لأوليائه، لم يطلعهم عليه في الدنيا، وهو {من قرة أعين} [السجدة: 17] التي لا تعلمها الأنفس: فوصف مرة المزاج بالمسك ومرة بالكافور بقوله: {كان مزاجها كافورا} [الإنسان: 5] ومرة أخبر أنه ممزوج بالتسنيم، ولم يبين ما التسنيم، والسنام ما ارتفع من الشيء؛ فيجوز أن سمى تسنيما لأنه ينحدر إليهم من الأعلى، وأخبر أنه ممزوج بما إلى مثله ترغب الأنفس في الدنيا، وتشتاق إليه. ألا ترى أن الشراب في الدنيا إذا كان ممزوجا فهو في القلوب أوقع منه، وتكون الأنفس إليها أرغب منه إذا كان ممزوج، فرغبوا بمثله في الآخرة؟ وذكر بعض أهل التفسير أن المقربين يسقون من ذلك الشراب صرفا، ويمزج لغيرهم...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{تَسْنِيمٍ} علم لعين بعينها: سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه: إمّا لأنها أرفع شراب في الجنة وإمّا لأنها تأتيهم من فوق،...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وجملة {ومزاجه من تسنيم}. واعلم أن نظم التركيب في هذه الجملة دقيق يحتاج إلى بيان وذلك أن نجعل الواو اعتراضية فقوله: {وفي ذلك} هو مبدأ الجملة. وتقديم المجرور لإفادة الحصر أي وفي ذلك الرحِيقِ فليتنافس الناس لا في رحيق الدنيا الذي يتنافس فيه أهل البذخ ويجلبونه من أقاصي البلاد وينفقون فيه الأموال...
و {مِزاجه}: ما يمزج به. وأصله مصدر مازج بمعنى مزَج، وأطلق على الممزوج به فهو من إطلاق المصدر على المفعول، وكانوا يمزجون الخمر لئلا تغلبهم سَوْرتها فيسرع إليهم مغيب العقول لأنهم يقصدون تطويل حصة النشوة للالتذاذ بدبيب السكر في العقل دون أن يغُتّه غتّاً فلذلك أكثر ما تشرب الخمر المعتقة الخالصة تُشرب ممزوجة بالماء... و {تسنيم} علم لعين في الجنة منقول من مصدر سنَّم الشيءَ إذا جعله كهيئة السِّنام. ووجهوا هذه التسمية بأن هذه العين تصبّ على جنانهم من علوّ فكأنها سَنام. وهذا العلم عربي المادة والصِّيغة ولكنه لم يكن معروفاً عند العرب فهو مما أخبر به القرآن، ولذا قال ابن عباس لمَّا سئل عنه: « هذا مما قال الله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [السجدة: 17]، يريد لا يعلمون الأشياء ولا أسماءها إلا ما أخبر الله به. ولغرابة ذلك احتيج إلى تبيينه بقوله: {عيناً يشرب بها المقربون}، أي حال كون التسنيم عيناً يشرب منها المقرّبون...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ونصل لآخر وصف شراب الأبرار في الجنّة... والحقيقة، فللجنّة ألوان من الأشربة، منها ما يجري على صورة أنهار، كما تشير إلى ذلك آيات قرآنية كثيرة، ومنها يُقدّم في كؤوس مختومة، كما في الآيات أعلاه، ويأتي أل «تسنيم» في قمّة أشربة الجنّة، وله من العطاء على روح شاربه ما لا يوصف بوصف أبداً. ونعود لنكرر القول مرّة أخرى: إنّ حقيقة النعم الإلهية في عالم الآخرة لا يمكن لأيّ كان من أن يتكلم عنها بلسان أو يوصفها بقلم أو يتصورها في ذهن، وكلّ ما يقال عنها لا يتعدى عن كونه صوراً تقريبية على ضوء ما يناسب محدودية الإنسان...
قوله تعالى : " ومزاجه " أي ومزاجه ذلك الرحيق " من تسنيم " وهو شراب ينصب عليهم من علو ، وهو أشرف شراب في الجنة . وأصل التسنيم في اللغة : الارتفاع فهي عين ماء تجري من علو إلى أسفل . ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه ، وكذلك تسنيم القبور . وروي عن عبد الله قال : تسنيم عين في الجنة يشرب بها المقربون صرفا ، ويمزج منها كأس أصحاب اليمين فتطيب . وقال ابن عباس في قول عز وجل : " ومزاجه من تسنيم " قال : هذا مما قال الله تعالى : " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " [ السجدة : 17 ] . وقيل : التسنيم عين تجري في الهواء بقدرة الله تعالى ، فتنصب في أواني أهل الجنة على قدر مائها ، فإذا امتلأت أمسك الماء ، فلا تقع منه قطرة على الأرض ، ولا يحتاجون إلى الاستقاء . قاله قتادة . ابن زيد : بلغنا أنها عين تجري من تحت العرش . وكذا في مراسيل الحسن . وقد ذكرناه في سورة " الإنسان " {[15862]} .
ولما ذكر الشراب ، أتبعه مزاجه على ما يتعارفه أهل الدنيا لكن بما هو أشرف منه ، فقال مبيناً لحال هذا المسقي : { ومزاجه } أي{[72261]} يسقون منه والحال أن مزاج هذا الرحيق { من تسنيم * } علم على عين معينة وهو - مع كونه علماً - دال على أنها عالية المحل والرتبة ، والشراب{[72262]} ينزل عليهم ماؤها من العلو -{[72263]} ، وقال حمزة الكرماني : ماؤها يجري على الهواء متنسماً ينصب في أواني أهل الجنة على مقدار الحاجة ، فإذا امتلأت أمسك ، وهو في الشعر اسم جبل عال وكذا التنعيم وأصله من السنام ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.