اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمِزَاجُهُۥ مِن تَسۡنِيمٍ} (27)

قوله : { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ } ، التسنيم : علمٌ لعينٍ في الجنَّة .

فصل في المراد بالتسنيم

قال الزمخشريُّ{[59629]} : «التسنيم » علمٌ لعين بعينها ، سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنَّمه ، إذا رفعه .

قال شهاب الدِّين{[59630]} : وفيه نظر ؛ لأنه كان من حقه أن يمنع الصَّرف للعلمية والتأنيث ، وإن كان مجازياً ، ولا يقدح في ذلك كونه مذكر الأصل ؛ لأن العبرة بحال العلمية ، ألا ترى أنهم نصّوا على أنَّه لو سمي ب «زيد » امرأة وجب المنع ، وإن كان في «هِنْد » وجهان ، اللهم إلا أن يقول : ذهب بها مذهب النهر ، ونحوه ، فيكون ك «واسط ، ودانق » .

فصل في معنى التسنيم

التسنيم : شرابٌ ينصبُّ عليهم من علوٍّ في غرفهم ومنازلهم .

وقيل : يجري في الهواء منسماً فينصبُّ في أوانيهم فيملأها .

قال قتادة : وأصل الكلمة من العلو ، ويقال للشيء المرتفع سنامٌ ، ومنه سنامُ البعيرِ ، وتسمنتُ الحائط : إذا علوته .

وقال الضحاك : هو شراب اسمه : تسنيمٌ ، وهو من أشرف الشراب{[59631]} .

قال ابنُ مسعودٍ وابن عباسٍ : هو خالص للمقربين يشربونها ، ويمزج لسائر أهل الجنَّة ، وهو قوله تعالى : { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا المقربون }{[59632]} .

وعن ابن عباس : أنَّه سُئِلَ عن قوله تعالى : { مِن تَسْنِيمٍ } قال : هذا ما قال الله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ }{[59633]} [ السجدة : 17 ] .


[59629]:ينظر: الكشاف (4/723).
[59630]:ينظر: الدر المصون 6/494.
[59631]:ذكره البغوي في "تفسيره" (6/462).
[59632]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/499-500) عن ابن مسعود ومالك بن الحارث ومسروق وغيرهم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/544) عن ابن مسعود وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المبارك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وذكره عن ابن عباس وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
[59633]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/544) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.