الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهۡدِينِ} (99)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وقال} وهو ببابل {إني ذاهب} يعني مهاجر.

{إلى ربي} إلى رضى ربي بالأرض المقدسة "سيهدين "لدينه، وهو أول من هاجر من الخلق ومعه لوط وسارة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَقالَ إنّي ذَاهِبٌ إلى رَبّي سَيَهْدِينِ" يقول: وقال إبراهيم لما أفْلَجَه الله على قومه ونجاه من كيدهم: "إنّي ذاهِبٌ إلى رَبّي "يقول: إني مهاجِرٌ من بلدة قومي إلى الله: أي إلى الأرض المقدّسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله...

وقال آخرون في ذلك: إنما قال إبراهيم إنّي ذاهِبٌ إلى رَبّي حين أرادوا أن يُلْقُوه في النار...

وإنما اخترت القول الذي قلت في ذلك، لأن الله تبارك وتعالى ذكر خبره وخبر قومه في موضع آخر، فأخبر أنه لما نجاه مما حاول قومه من إحراقه قال إنّي مُهاجِرٌ إلى رَبّي ففسر أهل التأويل ذلك أن معناه: إني مهاجر إلى أرض الشام، فكذلك قوله: "إنّي ذَاهِبٌ إلى رَبّي" لأنه كقوله: "إنّي مُهاجِرٌ إلى رَبّي". وقوله: "سَيَهْدِينِ" يقول: سيثبتني على الهدى الذي أبصرته، ويعينني عليه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{إني ذاهب إلى ربي} إلى ما أذن لي، وقد أمره بالهجرة إلى مكة، أو {ذاهب إلى} ما فيه رضى ربي، أو طاعة ربي، ونحو ذلك.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

أراد بذهابه إلى ربه: مهاجرته إلى حيث أمره بالمهاجرة إليه من أرض الشام؛ كما قال: {إني مهاجر إلى ربي} [العنكبوت: 26].

{سَيَهْدِينِ}: سيرشدني إلى ما فيه صلاحي في ديني ويعصمني ويوفقني.

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

{سيهدين} إلى ما فيه صلاح ديني أو إلى مقصدي، وإنما بت القول لسبق وعده أو لفرط توكله.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

إيماء إلى أن الإنسان إذا لم يتمكن من إقامة دينه على الوجه المرضي في أرض وجبت عليه الهجرة منها إلى أرض أخرى.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

عندئذ استدبر إبراهيم مرحلة من حياته ليستقبل مرحلة، وطوى صفحة لينشر صفحة: (وقال: إني ذاهب إلى ربي سيهدين).. هكذا.. إني ذاهب إلى ربي.. إنها الهجرة، وهي هجرة نفسية قبل أن تكون هجرة مكانية، هجرة يترك وراءه فيها كل شيء من ماضي حياته، يترك أباه وقومه وأهله وبيته ووطنه وكل ما يربطه بهذه الأرض، وبهؤلاء الناس، ويدع وراءه كذلك كل عائق وكل شاغل، ويهاجر إلى ربه متخففاً من كل شيء طارحاً وراءه كل شيء، مسلماً نفسه لربه لا يستبقي منها شيئاً، موقن أن ربه سيهديه، وسيرعى خطاه، وينقلها في الطريق المستقيم.

إنها الهجرة الكاملة من حال إلى حال، ومن وضع إلى وضع، ومن أواصر شتى إلى آصرة واحدة لا يزحمها في النفس شيء، إنه التعبير عن التجرد والخلوص والاستسلام والطمأنينة واليقين...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

لَمَّا لم يجد إبراهيم -عليه السلام- فائدة من دعوته لقومه، قال: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، والمعنى ذاهب لنصرة دينه وإلا فربُّه موجود معه، وفي كل مكان، أو مهاجر إلى ربي. أي: إلى مكان آخر، حيث أجد مَنْ يسمعني ويستجيب لدعوتي، وما دُمْتُ ذاهباً إلى ربي {سَيَهْدِينِ} أي: يهديني المقام الطيب المناسب لدعوتي.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

من البديهات أنّ الله لا يحويه مكان، والهجرة التي تتمّ في سبيله من المجتمع الملوّث الفاسد إلى المجتمع الطاهر الصافي، فإنّها هجرة إلى الله، فالهجرة إلى أرض الأنبياء والأولياء ومهبط الوحي الإلهي، هي هجرة إلى الله، مثلما يعرف السفر إلى مكّة المكرّمة بأنّه سفر إلى الله، خاصّة وأنّ هجرة إبراهيم (عليه السلام) كانت من أجل تنفيذ واجب رسالي إلهي، وأنّ الله كان هاديه ومرشده خلال السفر...