المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَجِاْيٓءَ يَوۡمَئِذِۭ بِجَهَنَّمَۚ يَوۡمَئِذٖ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ} (23)

23- وجئ يومئذٍ بجهنم دار العذاب . ويوم يحدث ذلك : يتذكر الإنسان ما فرَّط فيه ، ومن أين له الذكرى النافعة ، وقد فات أوانها ؟

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجِاْيٓءَ يَوۡمَئِذِۭ بِجَهَنَّمَۚ يَوۡمَئِذٖ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ} (23)

روي في قوله تعالى : { وجيء يومئذ بجهنم } أنها تساق إلى الحشر بسبعين ألف زمام ، يمسك كل زمام سبعون ألف ملك فيخرج منها عنق فينتقي الجبابرة من الكفار في حديث طويل مختلف الألفاظ{[11812]} ، و «جهنم » هنا ، هي النار بجملتها ، وروي أنه لما نزلت { وجيء يومئذ بجهنم } تغير لون النبي صلى الله عليه وسلم{[11813]} ، وقوله تعالى : { يتذكر الإنسان } معناه : يتذكر عصيانه وطغيانه ، وينظر ما فاته من العمل الصالح ، ثم قال تعالى : { وأنى له الذكرى } .


[11812]:أخرجه ابن جرير، قال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرطي عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، وهو حديث طويل، وانظر الهامش التالي.
[11813]:أخرجه ابن مردويه عن أبي سعيد، وفيه: (لما نزلت هذه الآية تغير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعرف في وجهه، حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله، فسأله علي فقال: جاء جبريل فأقرأني هذه الآية (كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا، وجيء يومئذ بجهنم)، فقيل: وكيف يجاء بها؟ قال: يجيء بها سبعون ألف زمام، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع)، وأخرج مثله ابن وهب في كتاب الأهوال، عن زيد بن أسلم، وأخرج مسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَجِاْيٓءَ يَوۡمَئِذِۭ بِجَهَنَّمَۚ يَوۡمَئِذٖ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ} (23)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنّمَ" يقول تعالى ذكره : وجاء الله يومئذٍ بجهنم ...

وقوله : "يَوْمَئِذٍ يَتَذَكّرُ الإنْسانُ" يقول تعالى ذكره : يومئذٍ يتذكر الإنسان تفريطه في الدنيا في طاعة الله ، وفيما يقرّب إليه من صالح الأعمال

"وَأنّى لَهُ الذّكْرَى" يقول : من أيّ وجه له التذكير ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قوله تعالى : { يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى } يحتمل أن يتذكر إشفاق الأنبياء عليهم السلام ونصيحتهم له ، فيعلم أنه كان في ما توهم بهم من الظنون الفاسدة مبطلا ، فيكون بذكره ذلك مصدقا للرسل عليهم السلام { وأنى له الذكرى } أي لا ينفعه تصديقه إياهم ، إذ لم يصدقهم في الدنيا ، أو { يتذكر } في أن يتلهف على ما فرط في جنب الله من التقصير في حقوقه والتضييع الذي سبق منه حين لم يشكر نعمه ، ولم يوجه إليه العبادة ، فيكون تلهفه ذلك إيمانا ، ولكن لا ينفعه تلهفه في ذلك الوقت لأن تلك الدار ليست بدار امتحان ، بل دار جزاء . والذي يحمله على التصديق مشاهدته الجزاء والحساب ، وعند المشاهدة ترتفع المحنة ، ويكون إيمانه حينئذ ضروريا لا حقيقة ، فذلك لا ينفعه ، وإنما تنفعه الطاعة وقت ملكه نفسه . فأما إذا خرج ملك نفسه من يده لم يقع له بالإيمان جدوى . وقال بعضهم : { يتذكر الإنسان } أي يتعظ ، وأنى له الانتفاع بالموعظة . ثم في هذا التذكر بيان لطف من الله تعالى ، يعطيه إياه حتى يتذكر ، وإلا فالإنسان يذهب عليه ما قد كتبه في وقت إذا أتى عليه حين ، حتى لو أراد أن يتذكر وقت كتابته ، لم يقدر عليه . ثم الله تعالى يذكره في الآخرة جميع ما سبق منه في الدنيا ، فيتذكر ذلك . ...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

أي: أحضرت جهنم ليعاقب بها المستحقون لها ويرى أهل الموقف هولها ، وعظم منظرها . وقوله ( يتذكر الإنسان ) إخبار منه تعالى بأن الإنسان يتذكر ما فرط فيه في دار التكليف من ترك الواجب وفعل القبيح ويندم عليه . ثم قال تعالى ( وأنى له الذكرى ) ومعناه من أين له الذكرى التي كان أمر بها في دار الدنيا ، فإنها تقوده إلى طريق الاستواء وتبصره الضلال من الهدى ، فكأنه قال وأنى له الذكرى التي ينتفع بها ، كما لو قيل يتندم وأنى له الندم . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

" أي : يتذكر ما فرّط فيه ، أو يتعظ { وأنى لَهُ الذكرى } ومن أين له منفعة الذكرى ؟ لا بد من تقدير حذف المضاف ، وإلا فبين : يوم يتذكر ، وبين { وأنى لَهُ الذكرى } تناف وتناقض . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ وجاء } أي بأسهل أمر { يومئذ } أي إذ وقع ما ذكر { بجهنم } أي النار التي تتجهم من يصلاها ،.. وأبدل من " إذا " توضيحاً لطول الفصل وتهويلاً قوله : { يومئذ } أي إذ وقعت هذه الأمور فرأى الإنسان ما أعد للشاكرين وما أعد للكافرين ....{ يتذكر الإنسان } أي على سبيل التجديد والاستمرار فيذكر كل ما كان ينفعه في الدنيا وما يضره فيعلم أن حبه للدنيا لم يفده إلا خساراً ، لا زاد بحبها شيئاً لم يكتب له ولا كان ينقصه بذلها شيئاً كما كتب له أو بذلها ، وإذا تذكر ذلك هان عليه البذل ، وليست تلك الدار دار العمل ، فلذلك قال : { وأنى } أي كيف ومن أي وجه { له الذكرى } أي نفع التذكر العظيم فإنه في غير موضعه ، فلا ينفعه أصلاً بوجه من الوجوه لفوات دار العمل ، ولا يقع بذلك على شيء سوى الندم وتضاعف الغم والهم والآلام . ... .

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم يجاء بجهنم فتقف متأهبة هي الأخرى ! " يومئذ يتذكر الإنسان " . . الإنسان الذي غفل عن حكمة الابتلاء بالمنع والعطاء . والذي أكل التراث أكلا لما ، وأحب المال حبا جما . والذي لم يكرم اليتيم ولم يحض على طعام المسكين . والذي طغى وأفسد وتولى . . يومئذ يتذكر . يتذكر الحق ويتعظ بما يرى . . ولكن لقد فات الأوان " وأنى له الذكرى ؟ " . . ولقد مضى عهد الذكرى ، فما عادت تجدي هنا في دار الجزاء أحدا ! وإن هي إلا الحسرة على فوات الفرصة في دار العمل في الحياة الدنيا ! ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وما نستنبطه من الآية ، إنّ جهنم قابلة للحركة ، فتقرب للمجرمين ، كما هو حال حركة الجنّة للمتقين : ( واُزلفت الجنّة للمتقين ) . وثمّة مَن يعطي للآية معنىً مجازياً ، ويعتبرها كناية عن ظهور الجنّة والنّار أمام أعين المحسنين والمسيئين . ولكن ، لا دليل على الأخذ بخلاف الظاهر ، ومن الأفضل التعامل مع ظاهر الآية ، لأنّ حقائق عالم القيامة لا يمكن فهمها وتصورها بشكل دقيق لمحدودية عالمنا أمام ذلك العالم من جهة ؟ ولاختلاف القوانين والسنن التي تحكم ذلك العالم من جهة أخرى . . ثمّ ، ما المانع في تحرك كلّ من الجنّة والنّار في ذلك اليوم ؟ ... نعم ، فحينما يرى المذنب كلّ تلك الحوادث تهتز فرائصه ويتزلزل رعباً ، فيستيقظ من غفلته ويعيش حالة الهمّ والغمّ ، ويتحسر على كلّ لحظة مرّت من حياته بعدما يرى ما قدّمت يداه ، ولكن . هل للحسرة حينها من فائدة ؟ ! وكم سيتمنى المذنب لو تسنح له الفرصة ثانية للرجوع إلى الدنيا وإصلاح ما أفسد ، ولكنّه سيرى أبواب العودة مغلقة ، ولا من مخرج ! . . . ويودّ التوبة . . وهل للتوبة من معنى بعد غلق أبوابها ؟ ! ويريد أن يعمل صالحاً . . ولكن أين ؟ فقد طويت صحائف الأعمال ، ويومها يوم حساب بلا عمل ! . . . ...