السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَجِاْيٓءَ يَوۡمَئِذِۭ بِجَهَنَّمَۚ يَوۡمَئِذٖ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ} (23)

{ وجيء } ، أي : بأسهل أمر { يومئذ } ، أي : إذ وقع ما ذكر { بجهنم } ، أي : النار التي تتجهم من يصلاها كقوله تعالى : { وبرزت الجحيم } [ النازعات : 36 ] ويروى «أنها لما نزلت تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف في وجهه حتى اشتدّ على أصحابه فأخبروا علياً فجاء فاحتضنه من خلفه وقبل ما بين عاتقيه ، ثم قال : يا نبيّ الله بأبي أنت وأمي ما الذي حدث اليوم وما الذي غيرك فتلا عليه الآية . فقال له علي : كيف يجاء بها ؟ قال : يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ، ثم تعرض لي جهنم فتقول : ما لك ولي يا محمد إنّ الله تعالى قد حرم لحمك علي فلا يبقى أحد إلا قال : نفسي نفسي إلا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : رب أمّتي أمّتي » . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : تقاد جهنم بسبعين ألف زمام كل زمام بيد ألف ملك لها تغيظ وزفير حتى تنصب على يسار العرش .

وقوله تعالى : { يومئذ } ، أي : يوم يجاء بجهنم بدل من إذ وجوابها { يتذكر الإنسان } ، أي : يتذكر الكافر ما فرط أو يتعظ لأنه يعلم قبح معاصيه فيندم عليها { وأنى له الذكرى } ، أي : ومن أين له منفعة الذكرى . قال الزمخشري : لا بد من حذف مضاف وإلا فبين { يتذكر } وبين { وأنى له الذكرى } تناف وتناقض .

تنبيه : أنى خبر مقدّم والذكرى مبتدأ مؤخر وله متعلق بما تعلق به الظرف . وقرأ { وأنى } حمزة والكسائي بالإمالة محضة ، وقرأ ورش بالفتح وبين اللفظين ، وقرأ الدوري عن أبي عمرو بالإمالة بين بين والباقون بالفتح . وقرأ { الذكرى } أبو عمرو وحمزة والكسائيّ بالإمالة محضة ، وقرأ ورش بين بين ، والباقون بالفتح .