المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

17- وإننا قد خلقنا سبع سموات مرتفعة فوقكم ، فيها مخلوقات لم نغفل عنها فحفظناها ودبرناها ، ونحن لا نغفل عن جميع المخلوقات ، بل نحفظها كلها من الزوال والاختلال ، وندبر كل أمورها بالحكمة{[140]} .


[140]:{ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين}: الطرائق السبع في الآية كناية عن عدد السماوات، وأنها ليست بسماء واحدة، وهو ـ عز وجل ـ لا يغفل عن هذه السماوات وما فيها من خلق.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

قوله تعالى : { ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق } أي : سبع سموات ، سميت طرائق لتطارقها ، وهو أن بعضها فوق بعض ، يقال : طارقت النعل إذا جعلت بعضه فوق بعض . وقيل : سميت طرائق لأنها طرائق الملائكة . { وما كنا عن الخلق غافلين } أي كنا لهم حافظين من أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم كما قال الله تعالى : { ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه } وقيل : ما تركناهم سدى بغير أمر ونهي . وقيل : وما كنا عن الخلق غافلين أي : بنينا فوقهم سماء أطلعنا فيها الشمس والقمر والكواكب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

و «الطريق » كل ما كان طبقات بعضه فوق بعض ، ومنه طارقت نعلي ، ويريد ب «السبع الطرائق » السماوات ، ويجوز أن تكون «الطرائق » بمعنى المبسوطات من طرقت الشيء ، وقوله تعالى : { وما كنا عن الخلق غافلين } نفي عام في إتقان خلقهم وعن مصالحهم وعن أَعمالهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

انتقال من الاستدلال بخلق الإنسان إلى الاستدلال بخلق العوالم العلوية لأن أمرها أعجب ، وإن كان خلق الإنسان إلى نظره أقرب ، فالجملة عطف على جملة { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } [ المؤمنون : 12 ] وإنما ذكر هذا عقب قوله : { ثم إنكم يوم القيامة تُبعثون } [ المؤمنون : 16 ] للتنبيه على أن الذي خلق هذا العالم العلوي ما خلقه إلاّ لحكمة ، وأن الحكيم لا يهمل ثواب الصالحين على حسناتهم ، ولا جزاء المسيئين على سيئاتهم ، وأن جعْله تلك الطرائق فوقنا بحيث نراها ليدلنا على أن لها صلة بنا لأن عالم الجزاء كائن فيها ومخلوقاته مُستقرة فيها ، فالإشارة بهذا الترتيب مثل الإشارة بعكسه في قوله : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلاّ بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون إنّ يوم الفصل ميقاتهم أجمعين } [ الدخان : 38 40 ] .

والطرائق : جمع طريقة وهي اسم للطريق تذكر وتؤنث ، والمراد بها هنا طرائق سير الكواكب السبعة وهي أفلاكها ، أي الخطوط الفرضية التي ضَبط الناس بها سُمُوتَ سَيْر الكواكب ، وقد أطلق على الكوكب اسم الطارق في قوله تعالى : { والسماء والطارق } [ الطارق : 1 ] من أجل أنه ينتقل في سمت يسمى طريقة فإن الساير في طريق يقال له : طارق ، ولا شك أن الطرائق تستلزم سائرات فيها ، فكان المعنى : خلقنا سيَّارات وطرائقها .

وذِكر { فوقكم } للتنبيه على وجوب النظر في أحوالها للاستدلال بها على قدرة الخالق لها تعالى فإنها بحالة إمكان النظر إليها والتأمل فيها .

ولأن كونها فوق الناس مما سهل انتفاعهم بها في التوقيت ولذلك عقب بجملة { وما كنا عن الخلق غافلين } المشعر بأن في ذلك لطفاً بالخلق وتيسيراً عليهم في شؤون حياتهم ، وهذا امتنان ، فالواو في جملة { وما كنا عن الخلق غافلين } للحال ، والجملة في موضع الحال ، وفيه تنبيه للنظر في أن عالم الجزاء كائن بتلك العوالم قال تعالى : { وفي السماء رزقكم وما توعدون } [ الذاريات : 22 ] .

والخلق مفعول سمي بالمصدر ، أي ما كنا غافلين عن حاجة مخلوقاتنا يعني البشر ، ونفي الغفلة كناية عن العناية والملاحظة ، فأفاد ذلك أن في خلق الطرائق السماوية لِمَا خلقت له لطفاً بالناس أيضاً إذ كان نظام خلقها صالحاً لانتفاع الناس به في مواقيتهم وأسفارهم في البر والبحر كما قال : { وهو الذي جعل لكمُ النجوم لِتَهْتَدُوا بها في ظُلُمَاتِ البر والبحر } [ الأنعام : 97 ] . وأعظم تلك الطرائق طريقة الشمس مع ما زادت به من النفع بالإنارة وإصلاح الأرض والأجساد ، فصار المعنى : خلقنا فوقكم سبع طرائق لحكمة لا تعلمونها وما أهملنا في خلقها رعْيَ مصالحكم أيضاً .

والعدول عن الإضمار إلى الإظهار في قوله : { وما كنا عن الخلق غافلين } دون أن يقال : وما كنا عنكم غافلين ، لما يفيده المشتق من معنى التعليل ، أي ما كنا عنكم غافلين لأنكم مخلوقاتنا فنحن نعاملكم بوصف الربوبيَّة ، وفي ذلك تنبيه على وجوب الشكر والإقلاع عن الكفر .