المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ كَيۡفَ يَشَآءُۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (6)

6- وهو الذي يصوركم وأنتم أجنة في الأرحام بصور مختلفة حسبما يريد ، لا إله إلا هو العزيز في ملكه ، الحكيم في صنعه{[30]} .


[30]:تشير الآية الكريمة إلى وجه من الوجوه المعجزة لقدرة البارئ المصور وهو تحول البويضة المخصبة وهي خلية واحدة ضئيلة الحجم إلى إنسان سوي بكل ما يحويه جسمه من أجهزة وأعضاء وأنسجة بملايين الخلايا وآيات في البنيان والوظيفة. وسوف تتوالى في القرآن الكريم آيات تفصل بعض أطوار النمو الجنيني. ولكن الذي تنوه به هذه الآية الكريمة على وجه الخصوص هو المشيئة الإلهية المطلقة في تصوير الجنين، إذ إن الله يودع في البويضة الدقيقة الحجم جميع المورثات الجينات التي تحدد جنس المولود ونصيبه من الخصائص الجسمانية بل ومواهبه العقلية والنفسية والسمات الرئيسية في تكوين الشخصية الوارثة وإن كانت تسير على قوانين ثابتة إلا أن هذا التحديد لكل فرد بذاته من التقاء بويضة بعينها وحيوان منوي بعينه من بين الملايين من أقرانه هو من دلائل المشيئة المطلقة حتى إنه لا يتماثل فردان في العالم تماثلا كاملا، اللهم إلا في توائم البويضة الواحدة فتكاد تتطابق.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ كَيۡفَ يَشَآءُۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (6)

قوله تعالى : { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } . من الصور المختلفة ذكراً أو أنثى ، أبيض أو أسود ، حسناً أو قبيحاً ، تاماً أو ناقصاً .

قوله تعالى : { لا إله إلا هو العزيز الحكيم } . وهذا في الرد على وفد نجران من النصارى ، حيث قالوا : عيسى ولد الله ، وكأنه يقول ، كيف يكون ولدا وقد صوره الله تعالى في الرحم .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحيم بن احمد ابن محمد الأنصاري ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أنا أبو خيثمة زهير بن معاوية عن الأعمش ، عن زين بن وهب قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول :حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نظفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله إليه الملك ، - أو قال يبعث إليه الملك- بأربع كلمات ، فيكتب رزقه ، وعمله ، وأجله ، وشقي أو سعيد . قال : وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينه غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، أنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنا أبو أحمد بن عيسى الجلودي ، أنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنا مسلم بن الحجاج ، أنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أني الطفيل عن حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال " يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة فيقول : يا رب أشقي أم سعيد ؟ فيكتب ذلك فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيكتبان ، ويكتب عمله وأجله ورزقه ، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ كَيۡفَ يَشَآءُۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (6)

وقوله : { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } أي من الصور المختلفة ، كالدليل على القيومية ، والاستدلال على أنه عالم بإتقان فعله في خلق الجنين وتصويره . وقرئ " تصوركم " أي صوركم لنفسه وعبادته . { لا إله إلا هو } إذ لا يعلم غيره جملة ما يعلمه ولا يقدر على مثل ما يفعله . { العزيز الحكيم } إشارة إلى كمال قدرته وتناهي حكمته . قيل : هذا حجاج على من زعم أن عيسى كان ربا ، فإن وفد نجران لما حاجوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت السورة ، من أولها إلى نيف وثمانين آية تقريرا لما احتج به عليهم وأجاب عن شبههم .