قوله تعالى : { إلا الذين تابوا } من النفاق وآمنوا .
قوله تعالى : { وأصلحوا } ، عملهم .
قوله تعالى : { واعتصموا بالله } ، وثقوا بالله .
قوله تعالى : { وأخلصوا دينهم لله } ، أراد الإخلاص بالقلب ، لأن النفاق كفر القلب ، فزواله يكون بإخلاص القلب .
قوله تعالى : { فأولئك مع المؤمنين } قال الفراء : من المؤمنين .
قوله تعالى : { وسوف يؤت الله المؤمنين } ، في الآخرة .
قوله تعالى : { أجرا عظيماً } ، يعني : الجنة ، وحذفت الياء من { يؤت } ، في الخط لسقوطها في اللفظ ، وسقوطها في اللفظ لسكون اللام في الله .
ثم يفتح لهم - بعد هذا المشهد المفزع - باب النجاة . . باب التوبة لمن أراد النجاة :
( إلا الذين تابوا وأصلحوا ، واعتصموا بالله ، وأخلصوا دينهم لله . فأولئك مع المؤمنين . وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيمًا ) . .
وفي مواضع أخرى كان يكتفي بأن يقول : ( إلا الذين تابوا وأصلحوا ) . . فالتوبة والإصلاح يتضمنان الاعتصام بالله ، وإخلاص الدين لله . ولكنه هنا ينص على الاعتصام بالله ، وإخلاص الدين لله . لأنه يواجه نفوسا تذبذبت ، ونافقت ، وتولت غير الله . فناسب أن ينص عند ذكر التوبة والإصلاح ، على التجرد لله ، والاعتصام به وحده ؛ وخلاص هذه النفوس من تلك المشاعر المذبذبة ، وتلك الأخلاق المخلخلة . . ليكون في الاعتصام بالله وحده قوة وتماسك ، وفي الإخلاص لله وحده خلوص وتجرد . .
بذلك تخف تلك الثقلة التي تهبط بالمنافقين في الحياة الدنيا إلى اللصوق بالأرض ، وتهبط بهم في الحياة الآخرة إلى الدرك الأسفل من النار .
وبذلك يرتفع التائبون منهم إلى مصاف المؤمنين ؛ المعتزين بعزة الله وحده . المستعلين بالإيمان . المنطلقين من ثقلة الأرض بقوة الإيمان . . وجزاء المؤمنين - ومن معهم - معروف :
وبهذه اللمسات المنوعة ، يكشف حقيقة المنافقين في المجتمع المسلم ، ويقلل من شأنهم ؛ وينبه المؤمنين إلى مزالق النفاق ، ويحذرهم مصيره . ويفتح باب التوبة للمنافقين ؛ ليحاول من فيه منهم خير ، أن يخلص نفسه ، وينضم إلى الصف المسلم في صدق وفي حرارة وفي إخلاص . .
ثم استثنى عز و جل التائبين من المنافقين ، ومن شروط التائب أن يصلح في قوله وفعله ، ويعتصم بالله ، أي يجعله منعته وملجأه ، ويخلص دينه لله تعالى ، وإلا فليس بتائب ، وقال حذيفة بن اليمان بحضرة عبد الله بن مسعود : والله ليدخلن الجنة قوم كانوا منافقين ، فقال له عبد الله بن مسعود : وما علمك بذلك ؟ فغضب حذيفة وتنحى ، فلما تفرقوا مر به علقمة فدعاه وقال : أما إن صاحبكم يعلم الذي قلت ، ثم تلا { إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا } الآية ، وأخبر تعالى أنهم مع المؤمنين في رحمة الله وفي منازل الجنة ، ثم وعد المؤمنين «الأجر العظيم » وحذفت الياء من { يؤت } في المصحف تخفيفاً قال الزجّاج : لسكونها وسكون اللام في { الله } ، كما حذفت من قوله { يوم يناد المناد }{[4349]} وكذلك { سندع الزبانية }{[4350]} وأمثال هذا كثير و «الأجر العظيم » : التخليد في الجنة .
استثنى من هذا الوعيد من آمن من المنافقين ، وأصلح حاله ، واعتصم بالله دون الاعتزاز بالكافرين ، وأخلص دينه لله ، فلم يشبْه بتردّد ولا تربّص بانتظار من ينتصر من الفريقين : المؤمنين والكافرين ، فأخبر أنّ من صارت حاله إلى هذا الخير فهو مع المؤمنين ، وفي لفظ ( مع ) إيماء إلى فضيلة من آمن من أوّل الأمر ولم يَصِم نفسه بالنفاق لأنّ ( مع ) تدخل على المتبوع وهو الأفصل .
وجيء باسم الإشارة في قوله : { فأولئك مع المؤمنين } لزيادة تمييز هؤلاء الذين تابوا ، وللتنبيه على أنّهم أحرياء بما سيرد بعد اسم الإشارة .
وقد علم الناس ما أعدّ الله للمؤمنين بما تكرّر في القرآن ، ولكن زاده هنا تأكيداً بقوله : { وسوف يؤتي الله المؤمنين أجراً عظيماً } . وحرف التنفيس هنا دلّ على أنّ المراد من الأجر أجر الدنيا وهو النصر وحسن العاقبة وأجر الآخرة ، إذ الكلّ مستقبل ، وأن ليس المراد منه الثواب لأنّه حصل من قبل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.