الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَٱعۡتَصَمُواْ بِٱللَّهِ وَأَخۡلَصُواْ دِينَهُمۡ لِلَّهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَسَوۡفَ يُؤۡتِ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (146)

{ وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق { واعتصموا بالله } ووثقوا به كما يثق المؤمنون الخلص { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } لا يبتغون بطاعتهم إلا وجهه { فَأُوْلَئِكَ مَعَ المؤمنين } فهم أصحاب المؤمنين ورفقاؤهم في الدارين { وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً } فيشاركونهم فيه ويساهمونهم .

فإن قلت : مَن المنافق ؟ قلت : هو في الشريعة من أظهر الإيمان وأبطن الكفر . وأمّا تسمية من ارتكب ما يفسق به : بالمنافق فللتغليظ ، كقوله :

«من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر » ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :

" ثلاث من كنّ فيه فهو منافق ، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم : من إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " ، وقيل لحذيفة رضي الله عنه : مَن المنافق ؟ فقال : الذي يصف الإسلام ولا يعمل به . وقيل لابن عمر : ندخل على السلطان ونتكلم بكلام فإذا خرجنا تكلمنا بخلافه فقال : كنا نعدّه من النفاق . وعن الحسن : أتى على النفاق زمان وهو مقروع فيه ، فأصبح وقد عمم وقلد وأعطى سيفاً ، يعني الحجاج .