واللّه يجبههم هنا بالافتراء ، ثم يسألهم ماذا تظنون بربكم يوم القيامة وأنتم تفترون عليه :
( وما ظن الذين يفترون على اللّه الكذب يوم القيامة ? ) . .
وصيغة الغائب تشمل جنس الذين يفترون على اللّه الكذب وتنتظمهم جميعاً . . فما ظنهم يا ترى ? ما الذي يتصورون أن يكون في شأنهم يوم القيامة ! ! وهو سؤال تذوب أمامه حتى الجبلات الصلدة الجاسية !
إن اللّه لذو فضل على الناس ، ولكن أكثرهم لا يشكرون . .
واللّه ذو فضل على الناس برزقه هذا المادي الذي أودعه هذا الكون من أجلهم ؛ وأودع فيهم القدرة على معرفة مصادره ؛ والنواميس التي تحكم هذه المصادر ، وأقدرهم كذلك على التنويع في أشكاله ، والتحليل والتركيب في مادته لتنويع هذه الأشكال . . وكله في الكون وفيهم من رزق اللّه . .
واللّه ذو فضل على الناس بعد ذلك برزقه وفضله ورحمته التي أنزلها في منهجه هدى للناس وشفاء لما في الصدور ؛ ليهدي الناس إلى منهج الحياة السليم القويم ؛ الذي يزاولون به خير ما في إنسانيتهم من قوى وطاقات ؛ ومشاعر واتجاهات ؛ والذي ينسقون به بين خير الدنيا وخير الآخرة ؛ كما ينسقون به بين فطرتهم وفطرة الكون الذي يعيشون فيه ويتعاملون معه .
ولكن أكثر الناس لا يشكرون على هذا الرزق وذاك . . فإذا هم يحيدون عن منهج اللّه وشرعه ؛ وإذا هم يشركون به غيره . . ثم يشقون في النهاية بهذا كله . . يشقون لأنهم لا ينتفعون بهذا الذي هو شفاء لما في الصدور !
وإنه لتعبير عجيب عن حقيقة عميقة . . إن هذا القرآن شفاء لما في الصدور بكل معنى من معاني الشفاء . . إنه يدب في القلوب فعلاً دبيب الشفاء في الجسم المعلول ! يدب فيها بإيقاعه ذي السلطان الخفي العجيب . ويدب فيها بتوجيهاته التي توقظ أجهزة التلقي الفطرية ، فتهتز وتتفتح وتتلقى وتستجيب . ويدب فيها بتنظيماته وتشريعاته التي تضمن أقل احتكاك ممكن بين المجموعات البشرية في الحياة اليومية . ويدب فيها بإيحاءاته المطمئنة التي تسكب الطمأنينة في القلوب إلى الله ، وإلى العدل في الجزاء ، وإلى غلبة الخير ، وإلى حسن المصير . .
وإنها لعبارة تثير حشداً وراء حشد من المعاني والدلائل ، تعجز عنها لغة البشر ويوحي بها هذا التعبير العجيب !
وقد أنكر [ الله ]{[14280]} تعالى على من حَرّم ما أحل الله ، أو أحل ما حرم بمجرد الآراء والأهواء ، التي{[14281]} لا مستند لها ولا دليل عليها . ثم توعدهم على ذلك يوم القيامة ، فقال : { وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَة } أي : ما ظنهم أن يُصنَع بهم يوم مرجعهم إلينا يوم القيامة .
وقوله : { إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } قال ابن جرير : في تركه معاجلتهم{[14282]} بالعقوبة في الدنيا .
قلت : ويحتمل أن يكون المراد لذو فضل على الناس فيما أباح لهم مما خلقه من المنافع في الدنيا ، ولم يحرم عليهم إلا ما هو ضار لهم في دنياهم أو دينهم .
{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ } بل يحرمون ما أنعم الله [ به ]{[14283]} عليهم ، ويضيقون على أنفسهم ، فيجعلون بعضا حلالا وبعضا حراما . وهذا قد وقع فيه المشركون فيما شرعوه لأنفسهم ، وأهل الكتاب فيما ابتدعوه في دينهم . وقال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، حدثنا رباح ، حدثنا عبد الله بن سليمان ، حدثنا موسى بن الصباح في قول الله عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } قال : إذا كان يوم القيامة ، يؤتى بأهل ولاية الله عز وجل ، فيقومون بين يدي الله عز وجل ثلاثة أصناف قال : فيؤتى برجل من الصنف الأول فيقول : عبدي ، لماذا عملت ؟ فيقول : يا رب : خلقت الجنة وأشجارها وثمارها وأنهارها ، وحورها ونعيمها ، وما أعددت لأهل طاعتك فيها ، فأسهرتُ ليلي وأظمأتُ نهاري شوقا إليها . قال : فيقول الله تعالى : عبدي ، إنما عملت للجنة ، هذه الجنة فادخلها ، ومن فضلي عليك أن أعتقتك من النار ، [ ومن فضلي عليك أن أدخلك جنتي ]{[14284]} قال : فيدخل هو ومن معه الجنة .
قال : ثم يؤتى برجل من الصنف الثاني ، قال : فيقول : عبدي ، لماذا عملت ؟ فيقول : يا رب ، خلقت نارا وخلقت أغلالها وسعيرها وسمومها ويحمُومها ، وما أعددت لأعدائك وأهل معصيتك فيها فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري خوفا منها . فيقول : عبدي ، إنما عملت ذلك خوفا من ناري ، {[14285]} فإني قد أعتقتك من النار ، ومن فضلي عليك أن أدخلك جنتي . فيدخل هو ومن معه الجنة .
ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث ، فيقول : عبدي ، لماذا عملت ؟ فيقول : رب{[14286]} حبًّا لك ، وشوقا إليك ، وعزتك لقد أسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقا إليك وحبا لك ، فيقول تبارك وتعالى : عبدي ، إنما عملت حبا لي وشوقا إلي ، فيتجلى له الرب جل جلاله ، ويقول : ها أنا ذا ، انظر إلي ثم يقول : من فضلي عليك أن أعتقك من النار ، وأبيحك جنتي ، وأزيرَك ملائكتي ، وأسلم عليك بنفسي . فيدخل هو ومن معه الجنة .
{ وما ظن الذين يفترون على الله الكذب } أي شيء ظنهم . { يوم القيامة } أيحسبون أن لا يجازوا عليه ، وهو منصوب بالظن ويدل عليه أنه قرئ بلفظ الماضي لأنه كائن ، وفي إبهام الوعيد تهديد عظيم { إن الله لذو فضل على الناس } حيث أنعم عليهم بالعقل وهداهم إرسال الرسل وإنزال الكتب . { ولكن أكثرهم لا يشكرون } هذه النعمة .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وما ظنّ هؤلاء الذين يتخرّصون على الله الكذب فَيُضيفون إليه تحريم ما لم يحرّمه عليهم من الأرزاق والأقوات التي جعلها الله لهم غذاء، أن الله فاعل بهم يوم القيامة بكذبهم وفِرْيتهم عليه، أيحسبون أنه يصفح عنهم ويغفر؟ كلا بل يصليهم سعيرا خالدين فيها أبدا.
"إنّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ على النّاس" يقول: إن الله لذو تفضل على خلقه بتركه معاجلة من افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا وإمهاله إياه إلى وروده عليه في القيامة. "وَلَكِنّ أكَثرهُم لا يَشْكُرُونَ" يقول: ولكن أكثر الناس لا يشكرونه على تفضله عليهم بذلك وبغيره من سائر نعمه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
(إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) هو ذو فضل على الناس من جهة ما ساق إلى الكل من الرزق كافرهم ومؤمنهم وأنواع النعم، وما أخر عنهم العذاب إلى وقت، أو لما بعث إليهم الرسل والكتب من غير أن كان منهم إلى الله سابقة صنع، يستوجبون به ذلك.
(وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) لفضله وما أنعم عليهم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
المعنى: أي شيء يظن الذين يكذبون على الله أنه يصيبهم يوم القيامة على افترائهم على الله، أي لا ينبغي أن يظنوا أن يصيبهم على ذلك إلا العذاب والعقاب، وجعل ذلك زجرا عن الكذب على الله.
ثم أخبر تعالى "أن الله لذو فضل على الناس "بما فعل بهم من ضروب النعم "ولكن أكثرهم لا يشكرون" نعمه ولا يعترفون به ويجحدونه. وهذا خرج مخرج التقريع على افتراء الكذب، وإن كان بصورة الاستفهام وتقديره: أيؤديهم إلى خير أم شر؟. وافتراء الكذب أفحش من فعل الكذب بتزويره وتنميقه، فالزاجر عنه أشد.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
يعني: أي شيء ظنّ المفترين في ذلك اليوم ما يصنع بهم فيه وهو يوم الجزاء بالإحسان والإساءة، وهو وعيد عظيم حيث أبهم أمره... وجيء به على لفظ الماضي لأنه كائن فكأن قد كان.
{إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} حيث أنعم عليهم بالعقل ورحمهم بالوحي وتعليم الحلال والحرام.
{ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} هذه النعمة ولا يتبعون ما هدوا إليه.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم ثنى بإيجاب الفضل على الناس في الإمهال لهم مع الافتراء والعصيان: والإمهال داعية إلى التوبة والإنابة، ثم استدرك ذكر من لا يرى حق الإمهال ولا يشكره ولا يبادر به فيه على جهة الذم لهم، والآية بعد هذا تعم جميع فضل الله وجميع تقصير الخلق في شكره، لا رب غيره...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
وقد أنكر الله تعالى على من حَرّم ما أحل الله، أو أحل ما حرم بمجرد الآراء والأهواء، التي لا مستند لها ولا دليل عليها. ثم توعدهم على ذلك يوم القيامة، فقال: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَة} أي: ما ظنهم أن يُصنَع بهم يوم مرجعهم إلينا يوم القيامة.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} قال ابن جرير: في تركه معاجلتهم بالعقوبة في الدنيا.
قلت: ويحتمل أن يكون المراد لذو فضل على الناس فيما أباح لهم مما خلقه من المنافع في الدنيا، ولم يحرم عليهم إلا ما هو ضار لهم في دنياهم أو دينهم.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ} بل يحرمون ما أنعم الله [به] عليهم، ويضيقون على أنفسهم، فيجعلون بعضا حلالا وبعضا حراما. وهذا قد وقع فيه المشركون فيما شرعوه لأنفسهم، وأهل الكتاب فيما ابتدعوه في دينهم.
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} تلك النعمةَ الجليلةَ فلا يصرِفون قُواهم ومشاعرَهم إلى ما خُلقت له ولا يتبعون دليلَ الشرعِ فيما لا يدرك إلا به، وقد تفضل عليهم ببيان ما سيلقَوْنه يوم القيامة فلا يلتفتون إليه فيقعون فيما يقعون فهو تذييلٌ لما سبق مقرِّرٌ لمضمونه.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{ومَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} سجل عليهم جريمة افتراء الكذب على الله، وهو اختلاقه، وقفى عليه الوعيد عليه مشيرا إلى ما يكون من سوء حالهم وشدة عقابهم يوم القيامة. والمعنى أي شيء ظنهم في ذلك اليوم الذي تجزى فيه كل نفس ما عملت؟ أيظنون أنهم يتركون بغير عقاب على جريمة افتراء الكذب على الله وهو تعمده في حق خاص بربوبيته، فهو نزاع له فيها وشرك به، كما قال: {أم لهم شراء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} [الشورى: 21] الآية، فويل للمعممين من جهلاء المقلدين، الذين يحرمون على الناس ويحلون لهم بتقليد بعض المؤلفين، أو باتباع الهوى والرأي في الدين، وهم يتلون قوله: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} إلى قوله: {ولهم عذاب أليم} [النحل: 116].
{إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} هذه الآية بيان مستأنف يتضمن بمفهومه تعليلا لما فهم مما قبلها من عقاب المفترين على الله بكونه عدلا استحقوه بظلمهم لأنفسهم لا ظلما منه، وهو إثبات فضله على الناس بهذه الجملة المؤكدة أشد التوكيد، فأفاد أن صاحب هذا الفضل العظيم عليهم-لمجرد إحسانه إليهم- ليس من شأنه أن يكون ظالما لهم إذا قابلوا أكثر فضله ونعمه بأشد الكفر وأنكره، وهذا المعنى المفهوم من الآيتين من أغرب إيجاز القرآن المعجز للبشر. والمعنى: تالله إن الله لذو فضل عظيم على الناس في كل ما خلقه لهم من الرزق، وكل ما شرعه لهم من الدين، ومنه أنه جعل الأصل فيما أنزله إليهم من الرزق الإباحة، وجعل حق التحريم والتحليل له وحده عز وجل، لكيلا يتحكم فيهم أمثالهم من عباده، كالذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، كما تقدم في تفسير سورة التوبة براءة وهو لم يحرم عليهم إلا ما هو ضار بهم، ولهذا أباح لهم ما حرمه عليهم إذا اضطروا إليه، وكان تركه أضر من تناوله، وحصر أصول محرمات الطعام في قوله: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم} [الأنعام: 145]، وفصل أنواع الميتة المحرمة في أول سورة المائدة (3:5) فراجع تفسير الآيتين.
{ولَكِنَّ أَكْثَرَ الناسْ لاَ يَشْكُرُونَ} فضله عليهم كما يجب، كما قال: {وقليل من عبادي الشكور} [سبأ: 13] فيجنون على أنفسهم بتحريم ما لم يحرمه عليهم، وبغير ذلك من كفر نعمه المادية والمعنوية، كالغلو في الزهد، وترك الزينة والطيبات من الرزق، وفي ضد ذلك من الإسراف في الأكل والشرب، وزينة اللباس ابتغاء الشهرة والخيلاء والتكبر على الناس، وشر من ذلك كله تحريمه تعبدا، والإسلام يأمر بالوسط والاعتدال {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} [الطلاق: 7] الآية...
والشكر نصف الإيمان، بحسب متعلقاته من الأعمال والأحوال، وهي ما يجب على العبد لربه ولعباده من استعمال نعمه عليه فيما يرضيه من أحكام شرعه، وموافقة سننه وحكمته في خلقه، والنصف الآخر الصبر، وهو ما يجب في حال وقوع المكاره والابتلاء من عمل بدني ونفسي. ويضاد الشكر الكفر، وهو قسمان: كفر النعم، وكفر المنعم، وأنصح للقارئ أن يطالع كتاب الصبر والشكر في المجلد الرابع من إحياء العلوم للغزالي.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
الظن هنا هو: التوقع المبني على الظن الذي اختاروه لأنفسهم سبيلا بدل أن يتحروا مستيقنين، والاستفهام توبيخي إنكاري وطلب لأن يفكروا فيما يتوقعون يوم القيامة، هل يتوقعون مع افترائهم على الله أن يدخلوا جنات النعيم؟ أم يتوقعون جزاء وفاقا لما صنعوا في جنب الله تعالى من عصيان وتمرد على أوامره، بل إنهم ساروا في عصيانهم إلى أبعد أنواع الضلال فافتروا على الله في الحلال والحرام، فحرموا على أنفسهم نعمه ونسبوا التحريم إليه، وحللوا ما حرم الله وافتروا كما كانوا يفعلون من الطواف عرايا.
وقد بين سبحانه أنه أنعم عليهم، وهم الذين غيروا وبدلوا وحرموا طيبات أحلت لهم ولم يشركوا بالطاعة والحمد على ما تفضل به عليهم سبحانه، فقال تعالت كلماته: {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون} في قوله تعالى تأكيد لفضله ب {إن} المؤكدة وبالجملة الاسمية، وبأن الفضل يصحب كل تصريفه لأمور العباد تعالى، فقال سبحانه: {لذو فضل} مؤكد ذلك باللام.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
الآن وقد أصبح من المسلم أنّ هؤلاء بهذه الأحكام الخرافية المبتدعة، إِضافةً إِلى أنّهم حُرموا من النعم الإِلهية، فإِنّهم قد افتروا على الساحة الإِلهية المقدسة، ولذلك تضيف الآية: (وما ظن الذي يفترون على الله الكذب يوم القيامة إِنّ الله لذو فضل على العالمين) ولذلك فإِنّه لسعة رحمته لا يعاقب هؤلاء فوراً على أعمالهم القبيحة.
إِلاّ أنّ هؤلاء بدل أن يستغلوا هذه الفرصة الإِلهية ويشكروا اللّه على ذلك وينيبوا إِليه، فإِنّ أكثرهم غافلون: (ولكن أكثر الناس لا يشكرون).
ويحتمل في تفسير هذه الآية أيضاً، أن كون كل هذه المواهب والأرزاق عدا الأشياء المضرة والخبيثة المستثناة محللة هو بنفسه نعمة إِلهية كبرى، وإِنّ كثيراً من الناس بدل أن يؤدوا شكر هذه النعمة، فإِنّهم يكفرون بها، ويحرّمون أنفسهم من هذه النعمة بأحكامهم الخرافية وممنوعاتها.