البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ} (60)

ما استفهامية مبتدأة خبرها ظن ، والمعنى : أي شي ظن المفترين يوم القيامة ، أبهم الأمر على سبيل التهديد ، والإبعاد يوم يكون الجزاء بالإحسان والإساءة .

ويوم منصوب بظن ، ومعمول الظن قيل : تقدير ما ظنهم أّن الله فاعل بهم ، أينجيهم أم يعذبهم .

وقرأ عيسى بن عمر : ما ظن جعله فعلاً ماضياً أي أي ظن الذين يفترون ، فما في موضع نصب على المصدر ، وما الاستفهامية قد تنوب عن المصدر تقول : ما تضرب زيداً تريد أي : ضرب تضرب زيداً .

وقال الشاعر :

ماذا يغير ابنتي ريع عويلهما *** لا يرقدان ولا بؤسي لمن رقدا

وجيء بلفظ ظنّ ماضياً لأنه كائن لا محالة فكأن قد كان ، والأولى أن يكون ظن في معنى يظن ، لكونه عاملاً في يوم القيامة .

وهو ظرف مستقبل ، وفضله تعالى على الناس حيث أنعم عليهم ورحمهم ، فأرسل إليهم الرسل ، وفصل لهم الحلال والحرام ، وأكثرهم لا يشكر هذه النعمة .