قوله تعالى : { إذ تلقونه } تقولونه ، { بألسنتكم } قال مجاهد ومقاتل : يرويه بعضكم عن بعض . وقال الكلبي : وذلك أن الرجل منهم يلقى الرجل فيقول بلغني كذا وكذا يتلقونه تلقياً ، وكذا قرأه أبي بن كعب ، وقال الزجاج : يلقيه بعضكم إلى بعض ، وقرأ عائشة تلقونه بكسر اللام وتخفيف القاف من الولق وهو الكذب ، { وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً } تظنون أنه سهل لا إثم فيه ، { وهو عند الله عظيم } في الوزر .
والقرآن يرسم صورة لتلك الفترة التي أفلت فيها الزمام ؛ واختلت فيها المقاييس ، واضطربت فيها القيم ، وضاعت فيها الأصول :
( إذ تلقونه بألسنتكم ، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ؛ وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) . .
وهي صورة فيها الخفة والاستهتار وقلة التحرج ، وتناول أعظم الأمور وأخطرها بلا مبالاة ولا اهتمام :
( إذ تلقونه بألسنتكم ) . . لسان يتلقى عن لسان ، بلا تدبر ولا ترو ولا فحص ولا إنعام نظر . حتى لكأن القول لا يمر على الآذان ، ولا تتملاه الرؤوس ، ولا تتدبره القلوب ! ( وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ) . . بأفواهكم لا بوعيكم ولا بعقلكم ولا بقلبكم . إنما هي كلمات تقذف بها الأفواه ، قبل أن تستقر في المدارك ، وقبل أن تتلقاها العقول . . ( وتحسبونه هينا )أن تقذفوا عرض رسول الله ، وأن تدعوا الألم يعصر قلبه وقلب زوجه وأهله ؛ وأن تلوثوا بيت الصديق الذي لم يرم في الجاهلية ؛ وأن تتهموا صحابيا مجاهدا في سبيل الله . وأن تمسوا عصمة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وصلته بربه ، ورعاية الله له . . ( وتحسبونه هينا ) . . ( وهو عند الله عظيم ) . . وما يعظم عند الله إلا الجليل الضخم الذي تزلزل له الرواسي ، وتضج منه الأرض والسماء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.