فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ } من التلقي ، والأصل تتلقونه .

قال مقاتل ومجاهد : المعنى يرويه بعضكم عن بعض . قال الكلبي : وذلك أن الرجل منهم يلقي الرجل فيقول بلغني كذا وكذا ويتلقونه تلقيا .

قال الزجاج : معناه يلقيه بعضكم إلى بعض ، وقرئ الإلقاء ومعناها واضح ، وقرئ بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف ، وهي مأخوذة من قول العرب : ألق{[1281]} الرجل يلق ولقا إذا كذب ، قال ابن سيده : جاءوا بالمتعدي شاهدا على غير المتعدي .

قال ابن عطية : وعندي أراد يلقون فيه ، فحذف حرف الجر فاتصل الضمير .

وقال الخليل وأبو عمر : وأصل الولق الإسراع يقال جاءت الإبل تلق أي تسرع ، وعن ابن جرير مثله وزاد الولق هو الإسراع بالشيء بعد الشيء كعدد في إثر عدد وكلام في إثر كلام ، وقرئ تألقونه من الألق وهو الكذب ؛ وقرئ يلقونه وهو مضارع ولق بكسر اللام والتلقي والتلقف والتلقن معان متقاربة خلا أن في الأول معنى الاستقبال ، وفي الثاني معنى الخطف ، والأخذ بسرعة ، وفي الثالث معنى الحذق والمهارة ، وقال الراغب : في التلقن الحذق في التناول ، وفي التلقف الاحتيال فيه .

{ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ } معناه أن قولهم هذا مختص بالأفواه من غير أن يكون واقعا في الخارج معتقدا في القلوب ، وقيل أن ذكر الأفواه للتأكيد كما في قوله . يطير بجناحيه ونحوه .

{ وَتَحْسَبُونَهُ } أي الحديث الذي وقع الخوض فيه والإذاعة له { هَيِّنًا } أي شيئا يسيرا لا يلحقكم فيه إثم { وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ } ذنبه وعقابه والجملة في محل الحال ؛ قيل جزع بعضهم عند الموت فقيل له في ذلك فقال أخاف ذنبا لم يكن مني على بال وهو عند الله عظيم .


[1281]:الصحيح ولق يلق ولقا وهي في الصحاح في مادة الواو، وفي القاموس في باب القاف فصل الواو ففاؤها واو وليس ألفا