محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ } أي وقت تلقي بعضكم من بعض { بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا } أي لا تبعة له ولا عقوبة على مشيعه { وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ } أي والحال أنه عظيم في الوزر واستجرار العذاب . قال المهايمي : لأن الجراءة على رسول الله وعلى أوليائه ، تشبه الجراءة على الله تعالى .

قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى قوله { بأفواهكم } والقول لا يكون إلا بالفم ؟ قلت : معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب ، فيترجم عنه اللسان . وهذا الإفك ليس إلا قولا يجري على ألسنتكم ، ويدور في أفواهكم ، من غير ترجمة عن علم به في القلب . كقوله تعالى {[5672]} : { يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } انتهى . أي فالقيد ليس تأكيدا صرفا ، ( كنظر بعينه ) بل ليفيد نفيه عما عداه . وقيل إنه توبيخ ، كما تقول ( قاله بملء في ) فإن القائل ربما رمز ، وربما صرح وتشدق . وقد قيل هذا في قوله {[5673]} : { بدت البغضاء من أفواههم } وقيل : فائدته ألا يظن أنه كلام نفسي . فهو تأكيد ، لدفع المجاز . والسياق يقتضي الأول . كذا في ( العناية ) .


[5672]:(3 آل عمران 167).
[5673]:(3 آل عمران 118).