البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

{ إذ تلقونه } لعامل في { إذا } { لمسكم } .

وقرأ الجمهور { تلقونه } بفتح الثلاث وشد القاف وشد التاء البزي وأدغم ذال { إِذ } في التاء النحويان وحمزة أي يأخذه بعضكم من بعض ، يقال : تلقى القول وتلقنه وتلقفه والأصل تتلقونه وهي قراءة أُبيّ .

وقرأ ابن السميفع { تُلْقُونَه } بضم التاء والقاف وسكون اللام مضارع ألقى وعنه { تَلْقَونه } بفتح التاء والقاف وسكون اللام مضارع لقي .

وقرأت عائشة وابن عباس وعيسى وابن يعمر وزيد بن عليّ بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف من قول العرب : ولق الرجل كذب ، حكاه أهل اللغة .

وقال ابن سيده ، جاؤوا بالمتعدي شاهداً على غير المتعدي ، وعندي أنه أراد يلقون فيه فحذف الحرف ووصل الفعل للضمير .

وحكى الطبري وغيره أن هذه اللفظة مأخوذة من الولق الذي هو الإسراع بالشيء بعد الشيء كعدد في أثر عدد ، وكلام في أثر كلام ، يقال : ولق في سيره إذا أسرع قال :

جاءت به عيسى من الشام يلق***

وقرأ ابن أسلم وأبو جعفر تألقونه بفتح التاء وهمزة ساكنة بعدها لام مكسورة من الألق وهو الكذب .

وقرأ يعقوب في رواية المازني تيلقونه بتاء مكسورة بعدها ياء ولام مفتوحة كأنه مضارع ولق بكسر اللام كما قالوا : تيجل مضارع وجلت .

وقال سفيان : سمعت أمي تقرأ إذ تثقفونه يعني مضارع ثقف قال : وكان أبوها يقرأ بحرف ابن مسعود .

ومعنى { بأفواهكم } وتديرونه فيها من غير علم لأن الشيء المعلوم يكون في القلب ثم يعبر عنه اللسان ، وهذا الإفك ليس محله إلاّ الأفواه كما قال { يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } { وتحسبونه هيناً } أي ذنباً صغيراً { وهو عند الله عظيم } من الكبائر وعلق مس العذاب بثلاثة آثام تلقى الإفك والتكلم به واستصغاره ثم أخذ يوبخهم على التكلم به ،