المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

مقدمة السورة:

بدأت السورة بأسلوب يشوق إلى سماع الحديث عن يوم القيامة وما يكون فيه ، مشيرة إلى أن الناس فيه قسمان : فمنهم من لا يرون فيه كرامة عند استقبالهم ويدخلون نارا حامية ، ومنهم من يستقبلونه فرحين بمظاهر الرحمة والرضوان المعدة لهم . ثم ساقت الأدلة الواضحة على قدرته تعالى على البعث مما يشاهدونه بأعينهم وينتفعون به في حياتهم ، وبعد ذكر هذه الأدلة انتقلت إلى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتذكير لأنها مهمته الأولى بالنسبة إليهم . مبينة أنه ليس مسلطا عليهم فيجبروهم على الإيمان ، وأن من تولى وكفر بعد هذا التذكير ، فسوف يأخذه الله بذنبه ويعذبه العذاب الأكبر . حين يرجع إليه بعد الموت لأن رجوعهم جميعا إليه وحسابهم جميعا عليه .

1- هل أتاك - يا محمد - حديث القيامة التي تغشى الناس بأهوالها ؟ .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الغاشية

وآياتها ست وعشرون

{ هل أتاك حديث الغاشية } قد أتاك حديث القيامة ، تغشى كل شيء بالأهوال .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الغاشية مكية وآياتها ست وعشرون

هذه السورة واحدة من الإيقاعات العميقة الهادئة . الباعثة إلى التأمل والتدبر ، وإلى الرجاء والتطلع ، وإلى المخافة والتوجس ، وإلى عمل الحساب ليوم الحساب !

وهي تطوف بالقلب البشري في مجالين هائلين : مجال الآخرة وعالمها الواسع ، ومشاهدها المؤثرة . ومجال الوجود العريض المكشوف للنظر ، وآيات الله المبثوثة في خلائقه المعروضة للجميع . ثم تذكرهم بعد هاتين الجولتين الهائلتين بحساب الآخرة ، وسيطرة الله ، وحتمية الرجوع إليه في نهاية المطاف . . كل ذلك في أسلوب عميق الإيقاع ، هادئ ، ولكنه نافذ . رصين ولكنه رهيب !

( هل أتاك حديث الغاشية ? ) . .

بهذا المقطع تبدأ السورة التي تريد لترد القلوب إلى الله ، ولتذكرهم بآياته في الوجود ، وحسابه في الآخرة وجزائه الأكيد . وبهذا الإستفهام الموحي بالعظمة الدال على التقدير ؛ الذي يشير في الوقت ذاته إلى أن أمر الآخرة مما سبق به التقرير والتذكير . وتسمى القيامة هذا الإسم الجديد : ( الغاشية ) . . أي الداهية التي تغشى الناس وتغمرهم بأهوالها . وهو من الأسماء الجديدة الموحية التي وردت في هذا الجزء . . الطامة . . الصاخة . . الغاشية . . القارعة . . مما يناسب طبيعة هذا الجزء المعهودة .

وهذا الخطاب : هل أتاك . . ? كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يحس وقع توجيهه إلى شخصه ، حيثما سمع هذه السورة ، وكأنما يتلقاه أول أمر مباشرة من ربه ، لشدة حساسية قلبه بخطاب الله - سبحانه - واستحضاره لحقيقة الخطاب ، وشعوره بأنه صادر إليه بلا وسيط حيثما سمعته أذناه . . قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا أبو بكر بن عباس ، عن أبي إسحاق ، عن عمر بن ميمون ، قال : مر النبي [ صلى الله عليه وسلم ] على امرأة تقرأ : ( هل أتاك حديث الغاشية ? )فقام يستمع ويقول : " نعم قد جاءني " . .

والخطاب - مع ذلك - عام لكل من يسمع هذا القرآن . فحديث الغاشية هو حديث هذا القرآن المتكرر . يذكر به وينذر ويبشر ؛ ويستجيش به في الضمائر الحساسية والخشية والتقوى والتوجس ؛ كما يثير به الرجاء والارتقاب والتطلع . ومن ثم يستحيي هذه الضمائر فلا تموت ولا تغفل .

( هل أتاك حديث الغاشية ? ) . . ثم يعرض شيئا من حديث الغاشية :

( وجوه يومئذ خاشعة . عاملة ناصبة . تصلى نارا حامية . تسقى من عين آنية . ليس لهم طعام إلا من ضريع . لا يسمن ولا يغني من جوع ) . .

إنه يعجل بمشهد العذاب قبل مشهد النعيم ؛ فهو أقرب إلى جو( الغاشية )وظلها . .