بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الغاشية وهي ست وعشرون آية مكية .

قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية } هل استفهام ، واستفهم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن أتاه بعد ، فكأنه قال : لا يأتيك خبره ، ثم أخبره . ويقال : معناه : قد أتاك حديث الغاشية ، والغاشية اسم من أسماء يوم القيامة ، وإنما سميت غاشية ، لأنها تغشى الخلق كلهم . كما يقال : { يوماً كان شره مستطيراً } [ الإنسان : 7 ] ، ويقال : الغاشية النار ، وإنما سميت غاشية ، لأنها تغشي وجوه الكفار . كما قال : { وتغشى وجوههم النار } [ إبراهيم : 5 ] أو كقوله : { يَوْمَ يغشاهم العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ العنكبوت : 55 ] ويقال : الغاشية دخان النار ، يخرج من النار يوم القيامة ، عنق من النار ، فيحيط بالكفار مثل السرادق ، ويجيء دخانها ، فيغشى الخلائق ، حتى لا يرى بعضهم بعضاً ، إلا من جعل الله تعالى له نوراً ، بصالح عمله في الدنيا كقوله : { كالقصر كَأَنَّهُ جمالة صُفْرٌ } [ المرسلات : 33 ] وكقوله : { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } [ الواقعة : 43 ] ويقال : تغشى الغاشية الصراط المنافقين . كقوله : { يَوْمَ يَقُولُ المنافقون والمنافقات لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارجعوا وَرَاءَكُمْ فالتمسوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة وظاهره مِن قِبَلِهِ العذاب } [ الحديد : 13 ] الآية .