إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الغاشية مكية ، وآيها ست وعشرون .

{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية } قيلَ : هِلْ بمَعْنى قَدْ كمَا في قولِه تعالَى : { هَلْ أتى عَلَى الإنسان } [ سورة الإنسان ، الآية 1 ] الآيةَ ، قالَ قُطْربٌ : أيْ قد جاءكَ يا محمدُ حديثُ الغاشيةِ . وليسَ بذاكَ بلْ هو استفهامٌ أُريدَ به التعجيبُ ممَّا في حيزِه والتشويقُ إلى استماعِه والإشعارُ بأنَّه من الأحاديثِ البديعةِ التي حقُّها أنْ يتناقلَها الرواةُ ويتنافسُ عليها الوعاةُ مِنْ كلِّ حاضرٍ وبادٍ . والغاشيةُ الداهيةُ الشديدةُ التي تغشَى الناسَ بشدائدِها وتكتنفُهم بأهوالِها وهيَ القيامةُ من قولِه تعالى : { يَوْمَ يغشاهم العذاب } [ سورة العنكبوت ، الآية 55 ] الخ ، وقيلَ : هيَ النارُ من قولِه تعالى : { وتغشى وُجُوهَهُمْ النار } [ سورة إبراهيم ، الآية 50 ] وقولِه تعالى : { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [ سورة الأعراف ، الآية 41 ] والأولُ هو الحقُّ فإنَّ ما سيُروى من حديثِها ليسَ مختصاً بالنَّارِ وأهلِها بلْ ناطقٌ بأحوال أهلِ الجنةِ أيضاً .