المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

44- فدعني - يا محمد - ومن يكذِّب بهذا القرآن سندنيهم من العذاب درجة درجة من الجهة التي لا يعلمون أن العذاب يأتي منها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } أي فدعني والمكذبين بالقرآن ، وخل بيني وبينهم . قال الزجاج : معناه لا تشغل قلبك به ، وكله إلي فإني أكفيك أمره ، { سنستدرجهم } سنأخذهم بالعذاب ، { من حيث لا يعلمون } فعذبوا يوم بدر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ 44 - 52 } { فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ * أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ }

أي : دعني والمكذبين بالقرآن العظيم فإن علي جزاءهم ، ولا تستعجل لهم ، ف { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ } فنمدهم بالأموال والأولاد ، ونمدهم في الأرزاق والأعمال ، ليغتروا ويستمروا على ما يضرهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

وقوله تعالى : { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } وعيد ولم يكن ثم مانع ، ولكنه كما تقول : دعني مع فلان ، أي سأعاقبه ، { ومن } في موضع نصب عطفاً على الضمير في : { ذرني } أو نصباً على المفعول معه ، و { الحديث } المشار إليه هو القرآن المخبر بهذه الغيوب ، والاستدراج هو : الحمل من رتبة إلى رتبة ، حتى يصير المحمول إلى شر وإنما يستعمل الاستدراج في الشر ، وهو مأخوذ من الدرج ، قال سفيان الثوري : نسبغ عليهم النعم ، ويمنعون الشكر ، وقال غيره : كلما زادوا ذنباً زادوا نعمة ، وفي معنى الاستدراج قول النبي صلى الله عليه وسلم :

«إن الله تعالى يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته »{[11266]} وقال الحسن : كم من مستدرج بالإحسان إليه ومغرور بالستر عليه .


[11266]:أخرجه البخاري في تفسير سورة (هود)، وكذلك الترمذي/ أما مسلم فأخرجه في البر، وابن ماجه في الفتن، ولفظه كما جاء في البخاري: عن أبي موسى رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)، قال : ثم قرأ: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

الفاء لتفريع الكلام الذي عطفته على الكلام الذي قبله لكون الكلام الأول سبباً في ذكر ما بعده ، فبعد أن استُوفي الغرض من موعظتهم ووعيدهم وتزييف أوهامهم أعقب بهذا الاعتراض تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله تكفل بالانتصاف من المكذبين ونصْره عليهم .

وقوله : { فذرني ومن يكذب } ونحوه يفيد تمثيلاً لحال مفعول ( ذر ) في تعهده بأن يكفي مؤونة شيء دون استعانةٍ بصاحببِ المؤونةِ بحال من يرى المخاطب قد شرع في الانتصار لنفسه ورأى أنه لا يبلغ بذلك مبلغ مفعول ( ذَرْ ) لأنه أقدر من المعتدَى عليه في الانتصاف من المعتدي فيتفرغ له ولا يطلب من صاحب الحق إعانة له على أخذ حقه ، ولذلك يؤتى بفعل يدل على طلب الترك ويؤتى بعده بمفعوللٍ معه ومنه قوله تعالى : { وذرني والمكذبين } [ المزمل : 11 ] { ذَرني ومن خلقتُ وحيداً } [ المدثر : 11 ] وقال السهيلي في « الروض الأنف » في قوله تعالى : { ذرني ومن خلقت وحيداً } [ المدثر : 11 ] فيه تهديد ووعيد ، أي دعني وإياه فسترى ما أصنع وهي كلمة يقولها المغتاظ إذا اشتد غيظه وغضبه وكره أن يشفع لمن اغتاظ عليه فمعنى الكلام لا شفاعة في هذا الكافر .

والواو واو المعية وما بعدها مفعول معه ، ولا يصح أن تكون الواو عاطفة لأن المقصود : اتركني معهم .

و { الحديث } يجوز أن يراد به القرآن وتسميته حديثاً لما فيه من الإِخبار عن الله تعالى ، وما فيه من أخبار الأمم وأخبار المغيبات ، وقد سمي بذلك في قوله تعالى : { فبأي حديث بعده يؤمنون } في سورة الأعراف ( 185 ) وقوله تعالى : { أفمِن هذا الحديث تعجبون وتضحكون } الآية في [ سورة النجم : 5960 ] ، وقوله : { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } في سورة الواقعة ( 81 ) .

واسم الإِشارة على هذا للإِشارة إلى مقدر في الذهن مما سبق نزوله من القرآن .

ويجوز أن يكون المراد بالحديث الإِخبار عن البعث وهو ما تضمنه قوله تعالى : { يوم يكشف عن ساق الآية } [ القلم : 42 ] .

ويكون اسم الإشارة إشارة إلى ذلك الكلام والمعنى : حسبك إيقاعاً بهم أن تكل أمرهم إليّ فأنَا أعلم كيف أنتصف منهم فلا تشغل نفسك بهم وتوكل عليَّ .

ويتضمن هذا تعريضاً بالتهديد للمكذبين لأنهم يسمعون هذا الكلام .

وهذا وعد للنبي صلى الله عليه وسلم بالنصر ووعيد لهم بانتقام في الدنيا لأنه تعجيل لتسلية الرسول .

وجملة { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } ، بيان لمضمون { ذَرني ومن يكذّب بهذا الحديث } باعتبار أن الاستدراج والإِملاء يعقبهما الانتقام فكأنه قال : سنأخذهم بأعمالهم فلا تستبطىء الانتقام فإنه محقق وقوعه ولكن يؤخر لحكمة تقتضي تأخيره .

والاستدراج : استنزال الشيء من دَرَجة إلى أخرى في مثل السُّلم ، وكان أصل السين والتاء فيه للطلب أي محاولة التدرج ، أي التنقل في الدَّرج ، والقرينة تدل على إرادة النزول إذ التنقل في الدرَج يكون صعوداً ونزولاً ، ثم شاع إطلاقه على معاملة حسنة لمُسيءٍ إلى إبَّان مقدرٍ عند حلوله عقابُه ومعنى { من حيث لا يعلمون } أن استدراجهم المفضي إلى حلول العقاب بهم يأتيهم من أحوال وأسباب لا يتفطنون إلى أنها مفضية بهم إلى الهلاك ، وذلك أجلب لقوة حسرتهم عند حلول المصائب بهم ، ف{ مِن } ابتدائية ، و{ حيث } للمكان المجازي ، أي الأسباب والأفعال والأحوال التي يحسبونها تأتيهم بخير فتنكشف لهم عن الضر ، ومفعول { لا يعلمون } ضمير محذوف عائد إلى { حيث .