وقوله : وأَذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ يقول : وسمعت السموات في تصدّعها وتشققها لربها ، وأطاعت له في أمره إياها . والعرب تقول : أذِنَ لك في هذا الأمر أذَنا بمعنى : استمع لك ، ومنه الخبر الذي رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ما أذِنَ اللّهُ لِشَيْءٍ كأذَنِهِ لِنَبِيّ يَتَغَنّى بالقُرآنِ » يعني بذلك : ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبيّ يتغنى بالقرآن ومنه قول الشاعر :
صُمّ إذَا سَمِعُوا خَيْرا ذُكِرْتُ بِهِ *** وإنْ ذُكِرْتُ بسُوءٍ عنْدَهُمْ أَذِنوا
وأصل قولهم في الطاعة : سمع له من الاستماع ، يقال منه : سمعت لك ، بمعنى سمعت قولك وأطعت ، فيما قلتَ وأمرت . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت لربها .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت أوطاعت .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وأَذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت وأطاعت .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله وَأذِنَتْ لِرَبّها وحُقّتْ : أي سمعت وأطاعت .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ قال : سمعت وأطاعت .
وقوله : وحُقّتْ يقول : وحَقّق الله عليها الاستماع بالانشقاق ، والانتهاء إلى طاعته في ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله وَحُقّتْ قال : حُقّقَت لطاعة ربها .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبير وَحُقّتْ وحُقّ لها .
{ وأذنت } معناه : استمتعت ، وسمعت ، أي أمره ونهيه ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن{[11697]} » ، ومنه قول الشاعر [ قعنب بن أم صاحب ] : [ البسيط ]
صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به . . . وإن ذُكِرْتُ بشرٍّ عندهم أذنوا{[11698]}
وقوله تعالى : { وحقت } ، قال ابن عباس وابن جبير معناه : وحق لها أن تسمع وتطيع ، ويحتمل أن يريد : وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.