محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (2)

{ وأذنت لربها وحقت } أي سمعت له في تصدعها وتشققها وهو مجاز عن الانقياد والطاعة ، والمعنى أنها انقادت لتأثير قدرته حين أراد انشقاقها انقياد المطواع الذي يسمع للآمر ويذعن له قال ابن جرير{[7404]} العرب تقول ( أذن لك في هذا إذنا ) بمعنى استمع لك ومنه الخبر الذي روي{[7405]} عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغني بالقرآن " يعني ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن ومنه قول الشاعر{[7406]} :

صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به *** وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا

ومعنى قوله تعالى { وحقت } أي حق لها ووجب أن تنقاد لأمر القادر ولا تمتنع وهي حقيقة بالانقياد لأنها مخلوقة له في قبضة تصرفه ، قال المعرب : الأصل حق الله طاعتها ولما كان الإسناد في الآية إلى السماء نفسها ، والتقدير وحقت وهي كان أصل الكلام على تقدير مضاف في الضمير المستكن في الفعل أي وحق سماعها وطاعتها فحذف المضاف ثم أسند الفعل إلى ضميره ثم استتر فيه


[7404]:انظر الصفحة رقم 112 من الجزء الثلاثين (طبعة الحلبي الثانية).
[7405]:اخرجه البخاري في 97-كتاب التوحيد، 32- باب قول الله تعالى ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حديث رقم 2088 عن أبي هريرة.
[7406]:الحماسية رقم 606 لقنعب بن أم صاحب وأولها: إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا *** مني وما سمعوا من صالح دفنوا أذنوا استمعوا يقال أذن لكذا وكذا يأذن إذنا. ويجوز أن يكون اشتقاقه من الأذن الحاسة.