إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (2)

{ وَأَذِنَتْ لِرَبهَا } أي واستمعتْ أي انقادتْ وأذعنتْ لتأثيرِ قُدرتِهِ تعالى حين تعلقتْ إرادتهُ بانشقاقِها انقيادَ المأمورِ المطواعِ إذا وردَ عليه أمرُ الآمرِ المُطاعِ ، والتعرضُ لعنوانِ الربوبيةِ مع الإضافة إليها للإشعارِ بعلةِ الحُكْمِ وهذه الجملةُ ونَظيرتُها الآتيةُ بمنزلة قولِه تعالى : { أَتَيْنَا طَائِعِينَ } [ سورة فصلت ، الآية 11 ] في الإنباء عن كونِ ما نُسبَ إلى السماءِ والأرضِ من الانشقاق والمد وغيرِهما جارياً على مُقْتضَى الحكمةِ كما أُشيرَ إليهِ فيما سلفَ { وَحُقَّتْ } أي جُعلت حقيقةً بالاستماع والانقيادِ لكنْ لا بعدَ أنْ لم تكنْ كذلك بلْ في نفسها وحدِّ ذاتها من قولهم هو محقوقٌ بكَذا وحقيقٌ به والمَعْنى انقادتْ لربِّها وهيَ حقيقةٌ بذلكَ لكنْ لا على أنَّ المرادَ خصوصيةُ ذاتها من بين سائرِ المقدوراتِ بل خصوصيةُ المقدرةِ القاهرةِ الربانيةِ التي يتأتى لها كلُّ مقدورٍ ولا يتخلفُ عنها أمرٌ من الأمورِ فحقُّ الجملةِ أن تكونَ اعتراضاً مقرراً لما قبلَها لا معطوفةً عليهِ .