( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً )
وهم يحذرون أن ينكشف أمرهم ويعرف مخبؤهم ، فيأخذهم أصحاب السلطان في المدينة فيقتلوهم رجما - بوصفهم خارجين على الدين لأنهم يعبدون إلها واحدا في المدينة المشركة ! - أو يفتنوهم عن عقيدتهم بالتعذيب . وهذه هي التي يتقونها . لذلك يوصون الرسول أن يكون حذرا لبقا : وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا . إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا . . فما يفلح من يرتد عن الإيمان إلى الشرك ، وإنها للخسارة الكبرى
وهكذا نشهد الفتية يتناجون فيما بينهم ، حذرين خائفين ، لا يدرون أن الأعوام قد كرت ، وأن عجلة الزمن قد دارت ، وأن أجيالا قد تعاقبت ، وأن مدينتهم التي يعرفونها قد تغيرت معالمها ، وأن المتسلطين الذين يخشونهم على عقيدتهم قد دالت دولتهم ، وأن قصة الفتية الذين فروا بدينهم في عهد الملك الظالم قد تناقلها الخلف عن السلف ؛ وأن الأقاويل حولهم متعارضة ؛ حول عقيدتهم ، وحول الفترة التي مضت منذ اختفائهم .
{ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ } أي : إن علموا بمكانكم ، { يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } يعنون أصحاب دقيانوس ، يخافون منهم أن يطلعوا على مكانهم ، فلا يزالون يعذبونهم{[18058]} بأنواع العذاب إلى أن يعيدوهم{[18059]} في ملتهم التي هم عليها أو يموتوا ، وإن واتَوهم على العود{[18060]} في الدين فلا فلاح لكم{[18061]} في الدنيا ولا في الآخرة ، ولهذا قال{[18062]} { وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا } .
وقوله : إنّهُمْ إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ يعنون بذلك : دقينوس وأصحابه قالوا : إن دقينوس وأصحابه إن يظهروا عليكم ، فيعلموا مكانكم ، يرجموكم شتما بالقول ، كما :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : إنّهُمْ إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ قال : يشتموكم بالقول ، يؤذوكم .
وقوله : أوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلّتِهِمْ يقول : أو يردّوكم في دينهم ، فتصيروا كفارا بعبادة الأوثان . وَلَنْ تُفْلِحُوا إذًا أبَدا يقول : ولن تدركوا الفلاح ، وهو البقاء الدائم والخلود في الجنان ، إذن : أي إن أنتم عُدْتم في ملتهم . أبدا : أيام حياتكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.