قوله تعالى : { ها أنتم هؤلاء } ، أي : يا هؤلاء .
قوله تعالى : { جادلتم } أي :خاصمتم .
قوله تعالى : { عنهم } يعني : عن طعمة ، وفي قراءة أبي بن كعب عنه .
قوله تعالى : { في الحياة الدنيا } ، والجدال : شدة المخاصمة ، من الجدل ، وهو شدة الفتل ، فهو يريد فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج ، وقيل : الجدال من الجدالة ، وهي الأرض ، فكان كل واحد من الخصمين يروم قهر صاحبه وصرعه على الجدال .
قوله تعالى : { فمن يجادل الله عنهم } ، يعني : عن طعمة .
قوله تعالى : { يوم القيامة } إذا أخذه الله بعذابه .
قوله تعالى : { أم من يكون عليهم وكيلاً } ، كفيلاً ، أي : من الذي يذب عنهم ، ويتولى أمرهم يوم القيامة ؟ .
{ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } أي : هبكم جادلتم عنهم في هذه الحياة الدنيا ، ودفع عنهم جدالُكم بعض ما تحذرون{[228]} من العار والفضيحة عند الخَلْق ، فماذا يغني عنهم وينفعهم ؟ ومن يجادل الله عنهم يوم القيامة حين تتوجه عليهم الحجة ، وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ؟ { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ }
فمن يجادل عنهم من يعلم السر وأخفى ومن أقام عليهم من الشهود ما لا يمكن معه الإنكار ؟ وفي هذه الآية إرشاد{[229]} إلى المقابلة بين ما يتوهم من مصالح الدنيا المترتبة على ترك أوامر الله أو فعل مناهيه ، وبين ما يفوت من ثواب الآخرة أو يحصل من عقوباتها .
فيقول من أمرته نفسه بترك أمر الله ها أنت تركت أمره كسلا وتفريطا فما النفع الذي انتفعت به ؟ وماذا فاتك من ثواب الآخرة ؟ وماذا ترتب على هذا الترك من الشقاء والحرمان والخيبة والخسران ؟
وكذلك إذا دعته نفسه إلى ما تشتهيه من الشهوات المحرمة قال لها : هبك فعلت ما اشتهيت فإن لذته تنقضي ويعقبها من الهموم والغموم والحسرات ، وفوات الثواب وحصول العقاب - ما بعضه يكفي العاقل في الإحجام عنها . وهذا من أعظم ما ينفع العبدَ تدبرُه ، وهو خاصة العقل الحقيقي . بخلاف الذي{[230]} يدعي العقل ، وليس كذلك ، فإنه بجهله وظلمه يؤثر اللذة الحاضرة والراحة الراهنة ، ولو ترتب عليها ما ترتب . والله المستعان .
ثم قال : { هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [ فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا ]{[8280]} } أي : هَبْ أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدى لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر - وهم مُتَعَبدون{[8281]} بذلك - فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله ، عز وجل ، الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ في ترويج دعواهم ؟ أي : لا أحد يكون يومئذ لهم وكيلا ولهذا قال : { أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.