بدأت هذه السورة بأقسام تناولت ظواهر متعددة ، وتوجه النظر إلى آثار القدرة على أن المنكرين لله والبعث معذبون ، كما عذب الذين كذبوا من قبل ، وأخذت السورة تقرر سنن الله في ابتلاء عباده بالخير والشر ، وأن عطاءه وإمساكه ليس دليل رضاه أو سخطه ، وتوجه الحديث للمخاطبين بأن أحوالهم تكشف عن شدة حرصهم وشحهم ، ثم تختم بالإشارة إلى ما يكون من ندم المفرطين وتمنيهم أن لو قدموا من الصالحات ما ينجيهم ، مما يعاينونه من أهوال يوم القيامة ، وإلى ما يكون من إيناس النفس المطمئنة التي قدمت الصالحات ولم تفرط ، ودعوتها إلى الدخول مع المكرمين من عباد الله في جنة الله .
{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ }
الظاهر أن المقسم به ، هو المقسم عليه ، وذلك جائز مستعمل ، إذا كان أمرًا ظاهرًا مهمًا ، وهو كذلك في هذا الموضع .
فأقسم تعالى بالفجر ، الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار ، لما في إدبار الليل وإقبال النهار ، من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى ، وأنه وحده المدبر{[1424]} لجميع الأمور ، الذي لا تنبغي العبادة إلا له ، ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة ، يحسن أن يقسم الله بها .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَالشّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لّذِى حِجْرٍ } .
هذا قسم أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفجر ، وهو فجر الصبح .
واختلف أهل التأويل في الذي عُني بذلك ، فقال بعضهم : عُنِي به النهار . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأغرّ المِنقريّ ، عن خليفة بن الحصين ، عن أبي نصر ، عن ابن عباس ، قوله : وَالْفَجْرِ قال : النهار .
وقال آخرون : عُنِي به صلاة الصبح . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعيد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : والْفَجْرِ يعني : صلاة الفجر .
وقال آخرون : هو فجر الصبح . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا عاصم الأحول ، عن عكرِمة ، في قوله : والْفَجْرِ قال : الفجر : فجر الصبح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمر بن قيس ، عن محمد بن المرتفع ، عن عبد الله بن الزبير أنه قال : والْفَجْرِ قال : الفجر : قسم أقسم الله به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.