قوله تعالى : { والفجر } ، قيل : جواب القسم مذكور ، وهو قوله تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد } [ الفجر : 14 ] ، قاله ابن الأنباري .
وقيل : محذوف ، لدلالة المعنى عليه ، أي : ليجازي كل واحد بما عمل ، بدليل ما فعل بالقرون الخالية .
وقدَّره الزمخشريُّ{[60037]} : ليُعذبنَّ ، قال : يدل عليه قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ } إلى قوله «فصبَّ » .
وقدره أبو حيَّان{[60038]} : بما دلت عليه خاتمة السورة قبله ، أي : لإيابهم إلينا وحسابهم علينا .
وقال مقاتل : «هل » هنا : في موضع «إنَّ » تقديره : «إنَّ في ذلك قسماً لذي حجر ، ف «هل » هذا في موضع جواب القسم . انتهى .
وهذا قول باطل ؛ لأنه لا يصلح أن يكون مقسماً عليه تقدير تسليم أنَّ التركيب هكذا ، وإنما ذكرناه للتنبيه على سقوطه .
وقيل : ثم مضاف محذوف ، أي : صلاة الفجر ، أو ربِّ الفجر .
والعامة : على عدم التنوين في : «الفَجْرِ ، والوَتْرِ ، ويَسْرِ » .
وأبو الدينار{[60039]} الأعرابي : بتنوين الثلاثة .
قال ابن خالويه : هذا ما روي عن بعض العرب أنه يقف على آخر القوافي : بالتنوين ، وإن كان فعلاً ، وإن كان فيه الألف واللام ؛ قال الشاعر : [ الوافر ]
5189- أقِلِّي اللَّوْمَ عَاذلَ والعِتابَنْ *** وقُولِي إنْ أصَبْتُ لَقدْ أصَابَنْ{[60040]}
يعني : هذا تنوين الترنُّم ، وهو أن العربي إذا أراد ترك الترنُّم - وهو : مدّ الصوت - نوَّن الكلمة ، وإنما يكن في الروي المطلق .
وقد عاب بعضهم النحويين تنوين الترنم ، وقال : بل ينبغي أن يسموه بتنوين تركه ، ولهذا التنوين قسيم آخر ، يسمى : التنوين الغالي وهو ما يلحقُ الرويَّ المقيد ؛ كقوله : [ الرجز ]
***خَاوِي المُختَرَقْنْ{[60041]} ***
على أن بعض العروضيين أنكروا وجوده ، ولهذين التنوينين أحكام مخالفة لحكم التنوين مذكورة في علم النحو .
والحاصل : أن هذا القارئ أجرى الفواصل مجرى القوافي ، وله نظائر منها : «الرَّسُولا ، والسَّبِيلا ، والظُّنُونَا » في الأحزاب 10 و 66 و 67 و«المتعال » في الرعد{[60042]} و«عَشْرٍ » هنا .
قال الزمخشري{[60043]} : فإن قيل : فما بالها منكرة من بين ما أقسم به ؟ قلت : لأنها ليال مخصوصة من نفس جنس الليالي العشر بعض منها ، أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها ، فإن قلت : فهلا عرفت بلام العهد ؛ لأنها ليال معلومة معهودة ؟ .
قلت : لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير ؛ ولأن الأحسن أن تكون الكلمات متجانسة ، ليكون الكلام أبعد من الإلغاز والتَّعميَة .
يعني بتجانس اللامات ، أن تكون كلها إمَّا للجنس ، وإما للعهد والغرض الظاهر أن اللامات في : «الفجر » وما معه ، للجنس ، فلو جيء بالليالي معرفة بلام العهد لفات التجانس .
أقسم سبحانه : بالفجر ، وليال عشر ، والشفع والوتر ، والليل إذا يسر : أقسام خمسة .
واختلف في «الفجرِ » ، فقال عليٌّ وابنُ الزُّبيرِ وابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهم - : «الفَجْر » هنا : انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم{[60044]} .
قال ابنُ الخطيب{[60045]} : أقسم تعالى بما يحصل فيه ، من حصول النور ، وانتشار الناس ، وسائر الحيوان في طلب الأرزاق ، وذلك مشاكل لنشور الموتى ، وفيه عبرة لمن تأمل ، كقوله تعالى : { والصبح إِذَا تَنَفَّسَ } [ التكوير : 18 ] ، ومدح بكونه خالقاً ، فقال سبحانه : { فَالِقُ الإصباح } [ الأنعام : 96 ] .
وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - أنه : النهار كله ، وعبر عنه بالفجر ؛ لأنه أوله{[60046]} .
وروى ابن محيصن عن عطيَّة عن ابن عبَّاسٍ : يعني : فجر المحرم{[60047]} .
قال قتادةُ : هو فجر أول يوم من المحرم{[60048]} منه تنفجر السنة ، وعنه أيضاً : صلاة الصبح .
وروى ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس قال : يريد صبيحة يوم النحر ؛ لأن الله تعالى جعل لكل يوم ليلة قبله إلا يوم النحر لم يجعل له ليلة قبله ولا ليلة بعده ؛ لأن يوم عرفة له ليلتان ليلة قبله وليلة بعده ، فمن أدرك الموقف الليلة التي بعد عرفة فقد أدرك الحج إلى طلوع فجر يوم النحر ، وهذا قول مجاهد .
وقال عكرمة : «والفجر » قال : انشقاق الفجر من يوم الجمعة .
وعن محمد بن كعب القرظي : «والفجر » قال : آخر أيام العشر إذا رفعت أو دفعت من جمع .
وقال الضحاك : فجر ذي الحجة ؛ لأن الله تعالى قرن به الأيام ، فقال تعالى : { وَلَيالٍ عَشْرٍ } أي ليال عشر من ذي الحجة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.