البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفجر

هذه السورة مكية في قول الجمهور . وقال عليّ بن أبي طلحة : مدنية . ولما ذكر فيما قبلها

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } ، و{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } ، أتبعها بذكر الطوائف المتكبرين المكذبين المتجبرين الذين وجوههم خاشعة ، وأشار إلى الصنف الآخر الذين وجوههم ناعمة بقوله : { أَحَدٌ يأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } . وأيضاً لما قال : { إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ }

قال هنا : { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } ، تهديداً لمن كفر وتولى .

قرأ أبو الدينار الأعرابي : والفجر ، والوتر ، ويسر بالتنوين في الثلاثة .

قال ابن خالويه : هذا كما روي عن بعض العرب أنه وقف على آخر القوافي بالتنوين ، وإن كان فعلاً ، وإن كان فيه ألف ولام .

قال الشاعر :

أقلّي اللوم عاذل والعتابا *** وقولي إن أصبت لقد أصابا

انتهى .

وهذا ذكره النحويون في القوافي المطلقة إذا لم يترنم الشاعر ، وهو أحد الوجهين اللذين للعرب إذا وقفوا على الكلم في الكلام لا في الشعر ، وهذا الأعرابي أجرى الفواصل مجرى القوافي .

والظاهر وقول الجمهور ، منهم علي وابن عباس وابن الزبير : أن الفجر هو المشهور ، أقسم به كما أقسم بالصبح ، ويراد به الجنس ، لا فجر يوم مخصوص .

وقال ابن عباس ومجاهد ؛ من يوم النحر ؛ وعكرمة : من يوم الجمعة ؛ والضحاك : من ذي الحجة ؛ ومقاتل : من ليلة جمع ؛ وابن عباس وقتادة : من أول يوم من المحرم .

وعن ابن عباس أيضاً : الفجر : النهار كله ؛ وعنه أيضاً وعن زيد بن أسلم : الفجر هو صلاة الصبح ، وقرآنها هو قرآن الفجر .

وقيل : فجر العيون من الصخور وغيرها .