تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفجر

الآيات 1 – 3 : قوله تعالى : { والفجر } { وليالي عشر } { والشفع والوتر } كانت العرب من عادتهم أنهم إذا استحسنوا شيئا عظموه ، وإذا عظموه أقسموا به .

ثم إن الله تعالى جعل في الحج وأوقاته لطائف من الحكمة وعجائب من التدبير ؛ فمن لطيف حكمته وعجائب تدبيره أنه جعل المكان الذي يحج فيه مأمنا للخلق من وجه لا يعرف الخلائق المعنى الذي به وقع الأمن والإلف بين الخلق حتى يرغبوا جميعا في الاجتماع هنالك مع تباغضهم وتعاديهم في ما بينهم من وجه لا يدرك معناه .

وجعل [ أهل مكة ]{[23557]} يتقلبون في البلاد آمنين ، وسخر{[23558]} أهل الآفاق في حمل ما يقع لأهل مكة إليه حاجة من الميرة وغيرها ، وجعلهم بحيث يرغبون في الإتيان إليها مع عظم ما يلزمهم من المؤن إلى أسباب إلى مكة للحج . فثبت أن فيها معاني ولطائف ، هي خارجة عن قواهم وتدبيرهم ، فكان في ذكرها ما يوجب القول بالقدرة على البعث ، ويزيل عنهم الشبهة في أمرهم .

فأقسم لما عظم من شأنها لمكان أنها أوقات الحج ، فغاية أركان الحج تؤدي فيها ، وعادة العرب أنهم يقسمون بآبائهم وأجدادهم وأصنامهم لما هي معظمة عندهم ، وهذه الأشياء معظمة عندهم ، فجرى القسم بها جريا على عادتهم . ويدخل في أوقاتها الشفع والوتر والفجر ؛ فقالوا : { والشفع } /639 – ب/ يوم النحر لأنه اليوم العاشر من الشهر { والوتر } هو يوم عرفة لأنه اليوم التاسع .

وجائز أن يكون أريد بالشفع والوتر{ والليل إذا يسر } جملة العبادات جملة ، إذ ما من عبادة إلا فيها شفع ووتر .


[23557]:في الأصل وم: أهلها.
[23558]:الواو ساقطة من الأصل وم.