فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

هي ثلاثون آية ، وقيل تسع وعشرون آية وهي مكية بلا خلاف . وأخرج ابن الضريس والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي من طرق عن ابن عباس قال : نزلت { والفجر } بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير وعائشة مثله . وأخرج النسائي عن جابر قال : «صلى معاذ صلاة ، فجاء رجل فصلى معه فطوّل ، فصلى في ناحية المسجد ثم انصرف ، فبلغ ذلك معاذاً فقال : منافق ، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جئت أصلي فطوّل عليّ ، فانصرفت فصليت في ناحية المسجد فعلفت ناضحي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفتان أنت يا معاذ ؟ أين أنت من سبح اسم ربك الأعلى ، والشمس وضحاها ، والفجر ، والليل إذا يغشى » .

أقسم سبحانه بهذه الأشياء كما أقسم بغيرها من مخلوقاته . واختلف في الفجر الذي أقسم الله به هنا فقيل : هو الوقت المعروف . وسمي فجراً لأنه وقت انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم . وقال قتادة : إنه فجر أوّل يوم من شهر محرّم ، لأن منه تتفجر السنة . وقال مجاهد : يريد يوم النحر . وقال الضحاك : فجر ذي الحجة ، لأن الله قرن الأيام به فقال : { وَلَيالٍ عَشْرٍ } .

/خ14