المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

16- لهم فيها ما يرغبون وينعمون به نعيماً دون انقطاع ، وكان هذا النعيم وعداً من الله لهم ، سألوا ربهم تحقيقه فأجابهم إلي ما سألوه ، لأن وعده لا يتخلف .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

قوله تعالى : { لهم فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربك وعداً مسؤولاً } مطلوباً ، وذلك أن المؤمنين سألوا ربهم في الدنيا حين قالوا : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } يقول : كان أعطى الله المؤمنين جنة الخلد وعداً ، وعدهم على طاعتهم إياه في الدنيا ومسألتهم إياه ذلك . قال محمد بن كعب القرظي : الطلب من الملائكة للمؤمنين وذلك قولهم : ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

{ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ } أي : يطلبون وتتعلق بهم أمانيهم ومشيئتهم ، من المطاعم والمشارب اللذيذة والملابس الفاخرة والنساء الجميلات والقصور العاليات والجنات والحدائق المرجحنة والفواكه التي تسر ناظريها وآكليها ، من حسنها وتنوعها وكثرة أصنافها والأنهار التي تجري في رياض الجنة وبساتينها ، حيث شاءوا يصرفونها ويفجرونها أنهارا من ماء غير آسن وأنهارا من لبن لم يتغير طعمه وأنهارا من خمر لذة للشاربين وأنهارا من عسل مصفى وروائح طيبة ، ومساكن مزخرفة ، وأصوات شجية تأخذ من حسنها بالقلوب ومزاورة الإخوان ، والتمتع بلقاء الأحباب ، وأعلى من ذلك كله التمتع بالنظر إلى وجه الرب الرحيم وسماع كلامه ، والحظوة بقربه والسعادة برضاه والأمن من سخطه واستمرار هذا النعيم ودوامه وزيادته على ممر الأوقات وتعاقب الآنات { كَانَ } دخولها والوصول إليها { عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا } يسأله إياها ، عباده المتقون بلسان حالهم ولسان مقالهم ، فأي الدارين المذكورتين خير وأولى بالإيثار ؟ وأي : العاملين عمال دار الشقاء أو عمال دار السعادة أولى بالفضل والعقل والفخر يا أولي الألباب ؟

لقد وضح الحق واستنار السبيل فلم يبق للمفرط عذر في تركه الدليل ، فنرجوك يا من قضيت على أقوام بالشقاء وأقوام بالسعادة أن تجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة ، ونستغيث بك اللهم من حالة الأشقياء ونسألك المعافاة منها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

{ لَّهُمْ فِيهَا } فى تلك الجنة { مَا يَشَآءُونَ } أى : ما يشاءونه من خيرات وملذات حالمة كونهم { خَالِدِينَ } فيها خلودا أبديا .

{ كَانَ على رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } أى : كان ذلك العطاء الكريم الذى تفضلنا به على عبادنا المتقين ووعدناهم به ، من حقهم أن يسألونا تحقيقه لعظمه وسمو منزلته ، كما قال - تعالى - حكاية عنهم فى آية أخرى { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد } وعلى هذا المعنى يكون قولا { مَّسْئُولاً } بمعنى جديرا أن يسأل عنه المؤمنون لعظم شأنه .

ويجوز أن يكون السائلون عنه الملائكة ، كما فى قوله - تعالى - : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدْتَّهُمْ . . } ويرى بعضهم أن المعنى ، كان ذلك العطاء للمؤمنين وعدا منا لهم ، ونحن بفضلنا وكرمنا سننفذ هذا الوعد ، قال - تعالى - : { وَعْدَ الله لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ . . . } هذا ، وقد تكلم العلماء هنا عن المراد بلفظ " خير " فى قوله - تعالى - { قُلْ أذلك خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخلد } وقالوا : إن هذا اللفظ صيغة تفضيل ، والمفضل عليه هنا وهو العذاب لا خير فيه البته ، فكيف عبر - سبحانه - بلفظ خير ؟

وقد أجابوا عن ذلك بأن المفاضلة هنا غير مقصودة ، وإنما المقصود هو التهكم بهؤلاء الكافرين الذين آثروا الضلالة على الهداية ، واستحبوا الكفر على الإيمان .

قال أبو حيان - رحمه الله - : و " خير " هنا ليست تدل على الأفضلية ، بل هى على ما جرت به عادة العرب فى بيان فضل الشىء ، وخصوصيته بالفضل دون مقابلة . كقول الشاعر : فشر كما لخير كما الفداء . . . وكقول العرب : الشقاء أحب إليك أم السعادو . وكقوله - تعالى - حكاية عن يوسف - عليه السلام - : { رَبِّ السجن أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

وفي هذا الموقف المكروب الرعيب يعرض ما أعد للمتقين ، الذين يخشون ربهم ويرجون لقاءه ، ويؤمنون بالساعة . يعرض في أسلوب متهكم كذلك ساخر

قل : أذلك خير ? أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاءا ومصيرا ، لهم فيها ما يشاءون خالدين . كان على ربك وعدا مسؤولا ? .

أذلك الكرب الفظيع خير ? أم جنة الخلد التي وعدها الله المتقين ، وخولهم حق سؤاله عنها ، وطلب تحقيق وعده الذي لا يخلف ، ومنحهم أن يطلبوا فيها ما يشاءون ? وهل هناك وجه للموازنة ? ولكنها السخرية المريرة بالساخرين الذين يتطاولون على الرسول الكريم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

ثم تختلف المنازل في الوعد بحسب تقوي المعاصي{[8792]} ، وقوله { وعداً مسؤولاً } يحتمل معنيين وهو قول ابن عباس رضي الله عنه وابن زيد إنه مسؤول لأن المؤمنين سألوه أو يسألونه ، وروي أن الملائكة سألت الله نعيم المتقين فوعدهم بذلك ، قال محمد بن كعب هو قول الملائكة ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم{[8793]} ، والمعنى الثاني ذكره الطبري عن بعض أهل العربية أن يريد وعداً واجباً قد حتمه فهو لذلك معد أن يسأل ويقتضي{[8794]} وليس يتضمن هذا التأويل أن أحداً سأل الوعد المذكور .


[8792]:أي: يبقى المتقون في درجات مختلفة داخل الوعد، ودرجاتهم تختلف بحسب درجاتهم في التقوى والبعد عن المعاصي.
[8793]:من الآية 8 من سورة غافر، وقيل: هو وعد الله للمؤمنين بالجنة، سألوه ذلك الوعد فقالوا: {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك}.
[8794]:لأنه كالدين يطلبه صاحبه، وهو واجب بدون سؤال أو طلب، فقد أصبح حقا لصاحبه.