لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا} (16)

قال تعالى { لهم فيها ما يشاؤون } أي أن جميع المرادات لا تحصل إلا في الجنة ، لا في غيرها . فإن قلت : قد يشتهي الإنسان شيئاً ، وهو لا يحصل في الجنة كأن يشتهي الولد ونحوه وليس هو في الجنة قلت إنّ الله يزيل ذلك الخاطر عن أهل الجنة ، بل كان واحد من أهل الجنة مشتغل بما هو فيه من اللذات الشاغلة عن الالتفات إلى غيره { خالدين } أي في نعيم الجنة ومن تمام النعيم أن يكون دائماً ، إذ لو انقطع لكان مشوباً بضرب من الغم وأنشد في المعنى :

أشد الغم عندي في سرور *** تيقن عنه صاحبه انتقالا

{ كان على ربك وعداً مسؤولاً } أي مطلوباً ، وذلك أن المؤمنين سألوا ربهم في الدنيا حين قالوا { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة } وقالوا { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } يقول كان إعطاء الله المؤمنين جنة وعداً ، وعدهم على طاعتهم إياه في الدنيا ومسألتهم إياه ذلك الوعد وقيل الطلبة من الملائكة للمؤمنين وذلك قولهم { ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم } .